قبل أن يحل الصقيع تبدأ الريح في جلد الأشجار وبعثرة أرديتها في الأزقة وبين خطوات الهاربين بحثا عن الدفء ، وتنشط الطيور لحمل خيباتها نحو الجنوب. وقبل أن تتجمد أوصال الزمن يشعل أعواد الثقاب في ذاكرة الجدات لتنتعش روايات الشتاء. وأمطار الصحارى الممزوجة بعفونة العشب العائد للحياة، بعد أن مات دهرا ثم تسرب البرد إلى جذوره الطافية حول السطح فنهض مذعورا باحثا عن السيقان والأوراق. وعندما يحل الصقيع تقسو الأرض والماء والكلأ، حتى أجسادنا تتخشب تصبح كجذوع الأشجار عارية من الداخل وقاسية جافة من الخارج ، وإن لانت قليلا بفعل النار والملابس الشتوية إلا أن البرد يغرس أنيابه في جلودنا من جديد. في الشتاء نتهادى أقداح القهوة الممزوجة بالزنجبيل الناري ونثرثر بأوجاعنا حول المواقد وتحت قرص الشمس إن ظهر فجأة ، ثم نغمز لبعضنا أن ندفن ما قيل وسط الرماد ونواصل السير إلى غد آخر مشمس إلى غائم وبرده جاف إلى رطب. كم تحمل الفصول من عاهاتنا لتظل متعثرة الخطى لا تتقدم إلا وتعود تحرس فينا حب الماضي والنظرة الخائفة من المستقبل المجهول الذي لا نراه إلا حاملا معوله الكبير ليجمع كرات الثلج حتى تصبح جبلا عاليا يحجب عنا نسائم الربيع. في موسم الهجرة إلى الصقيع يغتال عويل الريح ضحكات الشجر ويحيلها إلى حفيف خافت تداري به عريها المكشوف، وتنسج به مع المحرومين قصائد مجنونة تحاكي الليل الطويل وقوافل العائدين إلى الغربة.. وغربتنا في الشتاء معاطف جلدية تخلو أحشاؤها من الصوف فتلصق بردها بأجسادنا في خبث غريب يكشف تلذذها برؤية دواخلنا ترتعش !!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 270 مسافة ثم الرسالة