يعتبر مؤتمر الدوحة مرحلة فاصلة في الموقف الاستراتيجي في سوريا، إذ إنه ركز على نوع الهيكل السياسي الذي ينبغي أن يأتي بعد الأسد ونظامه، مع أن النظام في سوريا لا يزال قائما، وأن طريقة إنهائه تستلزم إعداد من سيعجل بسقوطه. إن الصراع القائم بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة تنبئ عن أن الأسد يتجه نحو الاندحار، ومع أنه لا يمكن التنبؤ بالإطار الزمني الذي يتم فيه إسقاط النظام، إلا أن الموقف يؤكد على أن النظام لا يزال مسلحا بشكل جيد، لكن حرية الحركة لديه قد تقلصت على الأرض. فالمقاتلون من المعارضة يستعدون لتحديد مسار السياسة السورية، كما أن نفوذ العناصر المسلحة أخذت تتنامى، لكن التمييز بين المقاتلين والنشطاء السياسيين أصبح يشكل صعوبة بالغة، والتطور الزمني يؤكد على أن كثيرا من النشطاء اصطفوا إلى جانب الجماعات المسلحة، التي أصبحت أكثر تنظيما. لقد انصب الاهتمام الأمريكي على العناصر الخارجية التي يأتي في مقدمتها المجلس الوطني، ومع هذا فإن اتصال المجلس المباشر محدود مع العناصر التي تقود المعركة في الداخل، لهذا جاء التركيز على نوع الهيكل السياسي الذي يجب أن يأتي بعد الرئيس بشار ونظامه. فالعناصر المعارضة المسلحة في الداخل تعبر على الدوام عن إحباطها من المجلس الوطني السوري الذي لا يوفر لها الدعم الكافي، لهذا جاء مؤتمر الدوحة لإيقاف التدهور الذي قد يفضي إلى صراع طائفي من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها. ما نأمله هو أن يساهم مؤتمر الدوحة في إيجاد معارضة سورية موحدة وليست مشرذمة؛ لأن تشرذم المعارضة في مصلحة النظام.