لا يغيب عن ذهن المتابع لحراك الواقع اليومي ومستجدات الراهن المعاش، صورة الرجل الجوكر (أيا كان مظهره) الحاضر في كل نازلة والمتحدث في كل موضوع. اعتمادا على مشهد بات مفتوحا على مصراعيه وتقنية قاربت الأصقاع وجسرت هوة المسافات ولملمت العالم أجمع في قرية صغيرة وصلت كلا منا بالآخر عبر وشائج إلكترونية حتمية كما تقول نظرية مارشال ماكلوهان. ما يؤلم في هذه النوعية (الجوكرية إن صح التعبير) والمنظرة تارة في الدين وتارة في السياسة وأحايين كثيرة في كل شيء أنها أصبحت تتصدر الظهور والحضور وتتطاول بكثافة جماهير متشابكة الأعين تترقب حديثها وتغريداتها، دون فهمٍ حقيقي لأهمية الاتزان وقراءة الواقع والتأمل في معطيات الأحداث قبل التسابق المحموم للكتابة والتصريح وإلقاء الكلام على عواهنه وتأليب عامة الناس في داخل الوطن وخارجه!. ربما في كلمة التنظير أعلاه رداء أوسع منهم.. عموما هذه العينة قد تحتفظ ببعض العلم أمام جهل المعارف الكثيرة لكن شهوة الإعلام وفتنة الحضور بمختلف صوره نافذة غالبة.. وأمر الأخطاء الواردة مدحور بالاعتذار ببساطة، والتغيرات الطارئة في المواقف مكفولة بالنسيان العارض واختلاف القول عن الفعل مرتهن لطبائع مجبولة على المتناقضات ومن دون وجود المتناقضات قد لا تستمر الحياة!. أراهم دائما في غير مكان يحضرون وفي غير علم يتحدثون، فأنكمش حيرة ودهشة إلى واقع يتكرر وأيام تعيد نفسها وفتنة تكاد تأخذ زينتها كل مرة نعوذ بالله من شرورها وتوابعها.. أراهم دائما وأتطلع إلى جيل يهذب من هذه العينات ويمحو تطرفها ويعلي من شأن التعاطي المتزن والحضور الفاعل البناء والتواصل المرتكز على منبع صافٍ ورسالة سمحة، إلى طريقة صحية تنقي المجتمع من هذه الشوائب وتكشف توابع الأضرار التي قد تستفحل حين يترك الحبل على الغارب!.