تمثل معارض السيارات في جنوبجدة بيئة حية للمتناقضات، إذ لم تشفع لها الحركة التجارية النشطة التي تتمتع بها في الحصول على الحد الأدنى من خدمات البنية التحتية. وعلى الرغم من أن الاحصائيات تقدر القوة الشرائية فيها بنحو ستة مليارات سنويا، إلا أنها تعاني من تهالك الطرق فيها، ما تسبب في إتلاف المركبات، وتكدس النفايات التي تحولت إلى مصدر للروائح الكريهة والحشرات، فضلا عن انتشار السيارات التالفة بينها وتسببها في إرباك حركة السير. ويصطدم كل من يقترب من الطرق المؤدية إلى المعارض بعشرات من الوافدين الذين يوهمونه بأنهم مستثمرون، ومن ثم يحتالون عليه دون أي رادع. «عكاظ» بدورها سبرت غور معارض السيارات في جنوبجدة، ورصدت أبرز ملاحظات المستثمرين والزبائن، إذ ذكر رئيس طائفة معارض السيارات في جدة الشيخ عويضة بن محمد الجهني أن قوة الحركة التجارية التي تشهدها منطقة معارض السيارات في جدة تصطدم بغياب الخدمات العامة، والبنى التحتية، مشيرا إلى أن المنطقة تعاني من كثرة المياه الجوفية نتيجة لعدم وصول مشروع الصرف إليها، ما أحدث هبوطات في الطرق. ووصف أداء شركة النظافة التي تعاقدوا معها قبل نحو اسبوع ب«دون المستوى»، ملمحا إلى أنه سيجري تغييرها في حال وجود أي قصور يحدث من قبلهم في أمر النظافة العامة. وبين الجهني أنهم فتحوا المعاريض بشأن التعاقد مع شركة حراسة أمنية، بيد أن حدوث بعض الإشكاليات في بعض البنود أجل حسم موضوع الحراسات، مطالبا الجهات المختصة بالتعاون للقضاء على ظاهرة المخالفين الذين يعترضون البائعين للتخلص من التحايل والغش الذي يحدث من قبلهم. إلى ذلك، رأى مشعل المطيري (صاحب معرض) أن الانتعاش التجاري الذي تشهده منطقة المعارض لم يشفع لها في الحصول على الخدمات الأساسية، مشيرا إلى أن الطرق المتهالكة المحيطة بهم اتلفت المركبات، فضلا عن وقوف الشاحنات في مداخل ومخارج معارض السيارات، ما أثر سلبا على حركة المرور. من جهته، أرجع المستثمر سعود العتيبي الازدحام الذي تعانيه منطقة المعارض إلى العدد الكبير من السيارات التالفة التي يوقفها التجار على جوانب الطرقات لمدة أشهر عدة، إضافة إلى أن أصحاب الشاحنات يتجاهلون الالتزام بأنظمة المرور، ويوقفونها في الطرق المؤدية إلى المعارض ما يفاقم الازدحام، خصوصا أوقات الذروة. بينما طالب محسن القحطاني الجهات المختصة بالتدخل سريعا وإنهاء مشكلة المركبات التالفة المنتشرة على جنبات الطرق الداخلية في المعارض، مشيرا إلى أنها أثرت على عملهم، وصعبت مهمة وصول الزبائن لهم. واعتبر أن النشاط التجاري الكثيف لم يشفع لمنطقة المعارض في الحصول على الخدمات، متمنيا تدارك الوضع سريعا قبل أن يتفاقم. من ناحيته، تذمر المستثمر محمد الشمراني من كثرة العمالة المخالفة التي بسطت يدها على المعارض، وأنشأت ورشا متنقلة في الشوارع، يعرضون عبرها خدماتهم على بعض من ينوي شراء سيارة مستعملة لفحصها مقابل مبلغ أقل بكثير من بعض الورش الرسمية المرخصة المتخصصة في فحص السيارات. في حين أعرب محمد الغامدي عن استيائه من الروائح الكريهة التي تعم المكان نتيجة تراكم النفايات وغياب عمال النظافة عن المنطقة، معتبرا غياب الرصف وترسيم مسارات الطرق وعدم تنظيم مداخل للذهاب والعودة تسبب ازدحامات خانقة وأثرت على النشاط التجاري في المعارض. وشدد جبر البقمي على أهمية وضع حد لمن وصفهم ب«الركبان» الذين يتعرضون للبائع ويوهمونه بأنهم من أصحاب المعارض، ويبدون رغبتهم في شراء السيارات ومن ثم يحتالون عليه، مشيرا إلى أن غالبيتهم من مخالفي أنظمة العمل والإقامة. وأكد أن أولئك «الركبان» شوهوا سمعة سوق السيارات بسبب تحايلهم على البائعين، مطالبا أصحاب المعارض بعدم التعامل معهم لتحقيق استثمار ناجح. في المقابل، عزا المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري مشكلة هبوطات الطرقات إلى ما تعانيه المنطقة من مياه جوفية، مشيرا إلى أن عمليات السفلتة لا تجدي دون وجود حل لمشكلة المياه الجوفية. وأوضح النهاري أن على أصحاب المعارض التعاقد مع شركة للنظافة كبقية المجمعات التجارية الأخرى التي تتعاقد مع شركات نظافة مرخصة من قبل أمانة جدة. من جهته، أفاد مدير مرور محافظة جدة العميد محمد حسن القحطاني أن هناك لجنة مكونة من أمانة محافظة جدة، الشرطة والمرور بخصوص السيارات التالفة، لافتا إلى أن العملية تبدأ بوضع أمانة جدة إشعارا على السيارة لفترة تتجاوز العشرة أيام، وإذا لم تسحب يتم التأكد من قبل بعض الجهات بعدم وجود أية شبهة أمنية مسجلة على السيارة ويجري سحبها بعد ذلك من قبل المرور.