على الرغم أن المسؤولية الاجتماعية للشركات بمفهومها الشامل هو نظام عمل في مجتمع تكافلي ينطلق من مبادئ إسلامية حثت عليها النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الكريمة إلا أن المجتمعات الغربية قد سبقتنا في تخطي مراتبها من العناية بالبيئة الداخلية للشركة والالتزام بأخلاقيات العمل ومكافحة الفساد والاهتمام بالعاملين وأسرهم صحيا واجتماعيا وتعليميا إلى الاهتمام بالبيئة الخارجية وتوفير الدعم اللازم للمجتمع للنهوض بمستواه الاجتماعي والحضاري والبيئي إلى المساواة بين الجنسين والريادة في التكنولوجيا النظيفة التي تخفض من استهلاك الطاقة والإشعاعات تماما كما هو الحال في السويد التي تحظى بمكانة عالية في تنافسية المسؤولية على مستوى الشركات في 108 دولة حسب تقارير المنظمة الدولية غير الربحية ( كاونت إبيلتى). وفي المملكة بادرت بعض البنوك وشركات كبرى في تأسيس إدارات خاصة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية كما تأسست مجالس ومراكز للمسؤولية الاجتماعية في بعض المدن والغرف التجارية الصناعية إلا أن المفهوم الشامل للمسؤولية الاجتماعية للشركات يظل غائبا فالشركات التي تتنصل عن فتح وظائفها للشباب السعوديين أو تتستر على أنشطة العمالة الوافدة للكسب غير المشروع أو التي تدفع الرشاوى للقفز على الأنظمة والقوانين والحصول على مزايا أو عقود أو تخليص مصالح أو التي تقدم منتجات ضارة بالصحة والبيئة مثل مقاهي الشيش والمعسلات أو التي تتأخر في دفع الرواتب والمستحقات للعاملين لديها أو تسيء معاملتهم أو لا توفر العدالة بينهم أو التي تستورد سلعا مقلدة أو مغشوشة أو رديئة غير آمنة الاستخدام فإن كل هذه الشركات لا تشعر بالمسؤولية الاجتماعية حتى وإن كانت لديها إدارة خاصة بهذا المسمى وعلى هذه الشركات أن تلتزم أولا بأخلاقيات العمل حسب ما تمليه عليها المسؤولية الاجتماعية ومن ثم تتحرك في أعمال خيرية مثل دعم التأهيل والرعاية الصحية وخلافه. إن المسؤولية الاجتماعية تبدأ من الاستشعار بالخلق الإسلامي الإنساني في التعامل مع المجتمع في الأنشطة الاقتصادية وليست شعارات أو صدقات تقدمها الشركات من فتات عوائدها المالية أو تبرعات من زكواتها.. أتمنى أن نرى نماذج من رجال الأعمال السعوديين ممن يستشعرون بحق المجتمع عليهم فيفعلون كما فعل بيل جيتس والملياردير وارن بافيت اللذان تبرعا بنصف ثروتهما للأعمال الخيرية بعد أن تعديا المراحل الأساسية من المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الشامل.