دائما ما أتساءل هل المجتمع بحاجة ماسة إلى العلماء والمهندسين والتقنيين والأطباء أم هو بحاجة إلى الأدباء والشعراء والكتاب..؟ وهذا السؤال هو محصلة لواقع اجتماعي يبرز فيه رجل الكلمة والحرف في حين يتوارى فيه رجل العلم والمهن الدقيقة إلى الظل نتيجة الذهنية التي تقود العملية الإعلامية ونتيجة لأن المؤسسات الثقافية والأدبية هي أكثر ملامسة واتصالا مع وسائل الإعلام ومع الواقع الاجتماعي. ومن هنا نجد أن المجتمع يحتفي بالشاعر والأديب والكاتب أكثر من احتفائه بالعالم والباحث والطبيب والمهندس وفي هذا التداخل يمكن طرح سؤال يتعلق بماهية الثقافة ومفهومها العميق. هل الثقافة تقتصر على الأدباء والكتاب أم أن مفهوم الثقافة مفهوم شامل يدخل فيه المشتغلين بالطب والهندسة والعلوم الأخرى، أي أن كل مختص في حقل معين هو مثقف بالضرورة في هذا الحقل وفي هذا المجال وهو ما فصله المفكر الراحل إدوارد سعيد في كتابه « صور المثقف» ذلك أن الثقافة تدخل في صميم وعمق المعرفة الإنسانية من الأدب والشعر والموسيقى والفن إلى الفلسفة والهندسة والطب والعلوم الأخرى. إن المجتمع أي مجتمع بقدر احتياجه إلى الشعراء والمثقفين والمفكرين وأصحاب الرأي والعمل الإبداعي هو اكثر احتياجا إلى العلماء والأطباء والمهندسين وبقدر ما يشكل المثقف والمفكر الشاعر واجهة لمجتمعه وأمته يشكل العالم والطبيب والمهندس واجهة حضارية كبيرة، ذلك أن الحياة لا تستقيم إلا بوجود كل أوجه وصور العمل والاجتهاد والإبداع والخلق وأن حقول ومجالات العلم والأدب والفكر الإنساني هي حقول ومجالات تسهم في تنامي ونمو المجتمعات والأوطان وفي تطوير وتغيير الواقع وانتقاله من مرحلة إلى مرحلة ومن زمن صغير وضيق إلى أزمنة أكبر وأوسع هكذا لا يتحقق إعمار الحياة إلا بوجود العقول الخلاقة.. التي تعمل على إعطاء الأوطان والشعوب والمجتمعات وجها حضاريا ناصعا ومضيئا. مع التأكيد اليوم على أن المجتمع بحاجة إلى العلماء والأطباء والمهندسين والمتخصصين في حقول العلوم الدقيقة أكثر من احتياجه إلى الشعراء والأدباء. العالم اليوم ينهض بالعقل العلمي والتفكير العلمي أيضا. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة [email protected]