تشهد الولاياتالمتحدة غدا واحدة من أهم المعارك الانتخابية بين المتنافسين الرئيس الحالي أوباما ممثل الحزب الديموقراطي وخصمه المرشح الجمهوري رومني، في حين تبدو كفتاهما متقاربتين، وإن كان «أوباما» بات الأوفر حظا للاستمرار في منصبه لدورة ثانية. وسواء فاز أوباما أو رومني، ماذا سيستفيد العرب من ذلك، وهل ستتغير سياسات الإدارة الجديدة تجاه قضايانا؟ قضايانا.. وقود للحملات الانتخابية الأمريكية في الحقيقة، إن الدوائر السياسية العربية ستترقب أسلوب تعامل الإدارة الأمريكية في «ثوبها الجديد» مع قضايا المنطقة، وما يمكن أن يطرأ عليها من تغيير حيال ملفات باتت ملتهبة تزداد سخونتها يوما بعد الآخر. وأعتقد أن أوباما هو الأقرب والأوفر حظا للاحتفاظ بالمنصب، فالربيع العربي أفاده بقدر كبير، حيث أجاد باراك التعامل معه من عدة منطلقات وأسس تتواءم مع تحركاته، واتسق الموقف الأمريكي مع دعم تطلعات الدول نحو التغيير في الشرق الأوسط، في الوقت الذي نجحت السياسة الأمريكية في الحفاظ على ثلاثة محاور أساسية هي: الالتزام بمكافحة الإرهاب، وعملية السلام رغم الجمود الذي مرت به، وأمن إسرائيل. إن إدارة أوباما عايشت وتابعت هذا التحول، ولم تقف حائلا دونه ولم تصر على دعم وحماية أنظمة حليفة تهاوت وسقطت سريعا واحدا تلو الآخر. وفي ذات الوقت، نجحت في استمالة الأنظمة الجديدة في بلدان الربيع العربي وفقا لما يتوافق مع مصالحها وأهدافها الاستراتيجية بطرق تدريجية، بما لا يصطدم بالثوابت والعمل من أجل الحفاظ عليها. لكنني أستبعد أن تشهد الفترة المقبلة أي تحولات درامية في مسلك ونهج الإدارة الأمريكية في ملفات مهمة على رأسها القضية الفلسطينية خاصة إذا ما حظي بها رومني ويرجع ذلك إلى فشل الفلسطينيين في تقديم أنفسهم خلال هذه الفترة للرأي العام الأمريكي، علما أن هذا الأخير يحترم أصحاب الحقوق طالما يتخذون مسلكا للدفاع عنها ينأى عن الإرهاب. وربما كان الملف النووي الإيراني هو الأكثر سخونة في تعامل الإدارة الأمريكية، والذي يمكن أن يصل به الحال إلى مواجهة إسرائيلية إيرانية، سواء بمباركة أو تكليف أو صمت أمريكي، ولن يمنع هذه المواجهة أو يحول دونها سوى نجاح الضغوط في تليين موقف طهران وإلزامها بمفاوضات تفضي إلى اتفاق حول إنهاء الخلافات القائمة. ويرجح وقوع هذه المواجهة نظرا للطبيعة الإسرائيلية، التي دأبت على القيام بمثل هذه العمليات لأجل لم شتات التفرق والانقسامات بين الرأي العام الداخلي من ناحية، وكذا تزامنها مع قرب الانتخابات من جانب آخر. ولذلك يتوجب على العرب دراسة هذا الاحتمال بجدية وانعكاساته على أمنهم ومصالحهم الاستراتيجية. وأعتقد أن توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران تعني القضاء على النظام السوري، ويستدل على ذلك بالتحضيرات الأمريكية الجارية لنظام جديد بديل سواء عبر حكومة ائتلافية من المعارضة بعد تنقيتها من العناصر التي تعتبرها واشنطن متشددة وبعض رموز النظام الحالي الذين لم يتورطوا في الجرائم، كما أنه ليس بإمكانهم الوقوف عقبة في وجه تنفيذ بقية عناصر الخطة للمرحلة المقبلة في سوريا. ويدلل أيضا على تجهيز واشنطن لعدة سيناريوهات، من بينها تشكيل قوة دولية لحفظ السلام، أو إقامة منطقة حظر جوي بالشمال وفقا لمشروع تركي، أو تنفيذ وثيقة جنيف التي تم إقرارها في 30 يونيو الماضي. كمحصلة نهائية، فإن فوز أوباما يعني جعل القضايا العربية عائمة من خلال إعطاء وعود بلا تنفيذ واستمرار دعم أمن إسرائيل، وفوز رومني يعني لا وعود ولا تنفيذ، وإسرائيل ستبقى دائما الطفل المدلل للجمهوريين، وستبقى قضايانا مجرد وقود للحملات الانتخابية.