نوه مراقبون سياسيون بأهمية الإجراء المفصلي الذي اتخذته المملكة تجاه الأعضاء الثلاثة في القنصلية السورية، كرسالة قوية موجهة إلى النظام الديكتاتوري القمعي، وتأمين حياة آمنة للمقيمين السوريين على أرضها. وأوضحوا في حديثهم ل «عكاظ» أن موقف المملكة الحازم يؤكد على سيادتها، ويشدد على رفضها المطلق لتنفيذ أجندات استخباراتية تحت غطاء دبلوماسي. الموقف تأكيد على سيادة المملكة وأكد عضو مجلس الشورى، والخبير السياسي الدكتور صدقة بن يحيى فاضل أن موقف المملكة تجاه الدبلوماسيين الثلاثة أعضاء القنصلية السورية يعد من صميم أعمال سيادة الدولة، وقال إن ما أقدموا عليه من أعمال تتنافى مع واجباتهم تجاه الدول المستضيفة، وهي المملكة، مسوغ قوي لإبعادهم، وإبلاغهم بأنهم أعضاء غير مرغوب فيهم، ملمحا إلى أن ذلك يشير إلى توتر العلاقات السعودية السورية، بسبب تنكيل النظام السوري بالشعب الشقيق، المطالب برحيل الأسد. وأشار الدكتور فاضل إلى توتر علاقات العالم مع سورية، وقال «ليست المملكة وحدها التي توترت علاقاتها بسورية الرسمية، بل حوالى ثلاثة أرباع دول العالم قاطعت التعامل مع النظام الديكتاتوري القمعي، احتجاجا على أسلوبه الدموي في قمع الثورة الشعبية السورية المتطلعة للحرية وحقوقها المشروعة، بينما النظام يتهمها بأنها جماعات إرهابية». ونوه بالاتفاقيات التي تحكم العلاقات الدبلوماسية والقنصلية بين دول العالم، ومنها اتفاقية فيينا، التي تفرض على المبعوث الدبلوماسي واجبات تجاه الدولة المستضيفة، في مقدمتها عدم ارتكاب أي فعل فيه مساس بأمن واستقرار هذه الدولة. القنصلية مركز استخبارات وأكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية اللواء الدكتور أنور عشقي أن القنصلية السورية كانت تؤدي أدوارا غير ملائمة، وممارسات سيئة «فنحن نعلم أنها مركز تجسس سوري، إذ كان بعض الدبلوماسيين يفرضون على أفراد الجالية أن يعدوا تقارير استخباراتية عن المملكة، وفي المقابل تغض المملكة الطرف عنهم، لثقتها وقوة مكانتها، بينما تجاوزوا وسط هذه المحنة بممارسة ضغوط على المقيمين، وإيذائهم، وهذا بلا شك لا يرضي المملكة، الحريصة على توفير الأمن لكل مواطن ومقيم على أرضها». واستذكر الدكتور عشقي بنود اتفاقية جنيف، في موقف المملكة بتوفير الحماية لأعضاء القنصلية السورية، وإبعادهم من المملكة وهم معززين مكرمين، دون إيذائهم أو التعرض لهم بشيء. تجاوز الخطوط الحمراء وشدد أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، رئيس قسم الدراسات العامة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور شافي بن عبدالرحمن الدامر على أن المملكة لا تتهاون أبدا في أي أمر يمس أمن المواطن والمقيم، وقال إن ممارسة الدبلوماسيين السوريين لأعمال استخباراتية تحت غطاء دبلوماسي، هو بحد ذاته تجاوز للخطوط الحمراء. وألمح إلى أن الإجراء الذي اتخذته المملكة يعد بحد ذاته رسالة قوية للنظام السوري، ووسيلة ضغط لتضييق الخناق عليه إلى أن يختار الرحيل، فضلا عن حماية المقيمين السوريين، ووقف أي نشاط يؤدي إلى الإضرار بهم وبمصالحهم. واستشهد الدكتور الدامر في ذلك على ما جرى بين واشنطن وموسكو أثناء الحرب الباردة، وبين لندن وموسكو من حالات متعددة، كان آخرها قبل عامين، حينما طردت المملكة المتحدة سفير روسيا الاتحادية، لاتهامه بالتجسس.