نفرة الحجيج من عرفات تجعلني أتخيل خروج المصلين بهذه الكثافة العددية من المسجد الحرام وساحاتها المركزية بعد كل صلاة في مواسم العبادات مثل الحج ورمضان، فكيف تكون انسيابية الحركة من بوابات الحرم إلى مساكن الحجاج أو المعتمرين أو الزوار وكم تحتاج إلى مدى طولى للسير على الأقدام لضمان الانسيابية دون أي تعثر أو توقف أو تصادم أو تدافع. هذا التخيل رسم في ذهن العاشق لمكة صورة جميلة لتطوير المنطقة المركزية في محيط الحرم وتخيل أن تكون مكةالمكرمة مدينة المشاة كما هى مدينة الأنفاق لما تفرضه نظرية الصفوف من مدى طولى لتحقيق الانسيابية في حركة الحشود البشرية حيث رأى فيها مسارات للمشاة تنطلق من كل بوابة من بوابات الحرم في اتجاه محدد نحو مخرج من مخارج الخط الدائري الأول فالخط الدائري الثاني أرضها من قطع حجرية ممتصة للحرارة تذكرة بالمدينة القديمة وسقفها مظلات ذات ارتفاع عال تحركها أنظمة ذكية تقي من الشمس تتدلى منها مراوح تقذف الرذاذ لتلطيف الجو وتخفيف الحرارة وعلى جوانبها مقاعد للراحة تفصل بين الواحدة والأخرى شتلات من الزرع تجعل المسارات خضراء صديقة للبيئة وتنتشر في مسافات من جنباتها دورات المياه بتصميم معماري جميل والدخول إليها عبر حواجز العملة برسوم رمزية لضمان نظافتها وفي موازاتها مسارات خاصة للكراسي المتحركة للعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة وتخصص المسارات في ساعات محددة لمرور المركبات وتغلق عنها لصالح المشاة فقط في أوقات الدخول إلى الحرم والخروج منه لتسير فيها الكتل البشرية من المشاة بكل طمأنية وانسيابية تسير وتستريح بين الفينة والأخرى وتقضي حاجتها وحوائجها فتمارس رياضة المشي وتستمتع بمتعة التنزه وروحانية العبادة في آن واحد وتوزع المسارات الكثافة العددية من المصلين إلى مساكنهم الواقعة على جنباتها أو إلى موقف القطار أو مواقف السيارات المتعددة الأدوار عند مخارج الطريق الدائرى الأول أو إلى حافلات الرحلات الترددية التي تنقل المصلين من مخارج الدائري الأول إلى خارج المنطقة المركزية عبر الأنفاق أو الكباري التي تحقق انسيابية حركة المركبات.. العاشق لمكة وهو يسير بكل استمتاع في مسارات المشاة لن تعكر صفو استمتاعه أية مناظر للعشوائيات فهي مزالة في خارطة التطوير وقد نال الإنسان الذي كان يسكنها مانال المكان من تطوير فأصبح راقيا متحضرا يتعامل مع الزوار بأريحية ولطف وكرم بما يتلاءم مع مكانة المكان.