لم تكن رحلة الحج فيما مضى محفوفة بالرفاهية والترف كما يحدث الآن، بل كانت الرحلة تحيط بها المصاعب من كل اتجاه ومعاناة لا أول لها ولا آخر قبل أن تتحول الرحلة في وقتنا الحالي إلى مسيرة للسياحة والترف والراحة القصوى. يروي الحاج المغربي محمد الحاج (80 سنة) حكايات ظل يسمعها عن مشاق ومتاعب الحج في الماضي، وقال إن أقاربه كانوا يتحدثون عن القوافل التي تتجه إلى مكةالمكرمة عن طريق البر، حيث تبدأ قوافل حجاج بلاد المغرب الإسلامي بالانطلاق من مراكش، فاس وسلا، وفي بعض الأحيان كان حجاج من السنغال ينضمون إلى القافلة، وبعد تجمع الحجاج تنطلق المسيرة متخذة الطريق البري بمحاذاة البحر المتوسط أو الطريق البحري. ويقول الحاج محمد الحاج: «اعتادت القافلة أن تكون على موعد مع غيرها من قوافل الحجاج الجزائريين والتونسيين والليبيين، ثم تعبر مجتمعة الأراضي المصرية بمحاذاة الساحل وتلتقي مع قافلة الحج المصرية في موقع شمال القاهرة». الحاج الفلسطيني خالد نشأت يستكمل الحديث ويضيف: «رغم تشابه سورية ولبنان وفلسطين والأردن (بلاد الشام) فإن أربع قوافل مختلفة كانت تخرج منها، منها قافلة الحج الشامي، قافلة الحج الحلبي، قافلة الحج القدسي، وكانت كلها تسلك الطريق البري الذي يبدأ من دمشق ويتجه جنوبا إلى المدينةالمنورة ثم إلى مكة». الحاج العراقي محمد كريم يصف رحلة الحج قديما ويقول: «حجاج العراق كانوا يسلكون الطريق البري بين الكوفة ومكة، وكذلك الطريق البصري الذي يبدأ من البصرة، ومن أهم طرقهم درب زبيدة الذي مهدته زوجة الخليفة هارون الرشيد والذي أنشأته لكي يسلكه الحجاج والمعتمرون بعيدا عن الضياع وقطاع الطرق، ويتميز الطريق بأنه دقيق في مساراته وكان يستخدمه أيضا الحجاج القادمون من بلاد شرق العالم الإسلامي». ويشير الحاج اليمني علي مصباح إلى الطرق التي يسلكها حجاج بلاده حيث كانوا يجتمعون من المدن اليمنية عند منطقة تسمى (دار لاملك) ومنها يواصلون مسيرة رحلتهم البرية إلى بلاد الحجاز حتى يصلوا إلى منطقة يلملم.