عندما يكون المحيط الاجتماعي أكبر من طاقة العقل على استيعابه فتلك سمة من سمات التخلف العقلي والتقدم المجتمعي في الغالب، تجد العقل في هذه الحالة يتوجه إلى الحلول السحرية والخرافية والاعتماد على الآخرين لسد تلك الفجوة بين نقص عقله وبين تطور مجتمعه. تتميز العقلية المتخلفة بتفكيرها الآني، فتتحمس بآنيتها لكن بلا غد، تنعدم فيها روح المستقبل، تجهد جهدا كبيرا في أن تنظر إليه أو حتى أن تتخيله، تحب وتبحث دائما عن النتائج الحاضرة والسحرية. تتسم تلك العقلية بقصورها النقدي فكل أنواع الانفعالات الخارجية والعواطف الداخلية تتحكم في عملية نقدها للآخرين والأشياء، لا يوجد في عملية نقدها المنطقة الرمادية فإما أسود أو أبيض، إما مع إو ضد، فكلها من السهولة إطلاقها ومن الصعوبة التفصيل في عملية النقد. لا تقول كلمة «لا» إن طلبت في عمل ما، ولا يوجد في قاموسها « لا أعرف »، وذلك طلب لإبراز قوة هي تفقدها، فتحب أن تعمل في ما لا تعرفه فإن نجحت كان حظا لها، وإن أخفقت تبدأ بإعطاء قائمة طويلة من الأعذار والمبررات لتدافع عن فشلها. إن دخلت هذه العقلية في نقاش حول مسألة معينة فاعلم أنها سوف تدخل معها ألف مسألة وتشتت النقاش وذلك لعدم قدرتها على التنظيم العقلي، فيصبح النقاش لا فائدة منه ولم تخرج من هذا النقاش إلا بهدر في الوقت واستهلاك في الجهد.. هذه العقلية لا ينقصها شيء إلا أن مجتمعها أهملها فاستمرت على حالها، استمر مجتمعها في تطوير كل شيء حدائق وشوارع وسياسة واقتصاد إلا العقول. ليس التطور الحقيقي بتطور الأشياء أو الأشخاص بل بتطور الأفكار والعقول، فبها تتطور كل الأشياء، لا بكل الأشياء تتطور العقول. [email protected]