.. في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال : {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». وفيما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله. قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور» . وروى أبو موسى رضي الله عنه ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الحاج يشفع في أربعمائة من أهل البيت ، أو قال : أهل بيته ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». واليوم .. والناس تتهيأ للصعود إلى الحج من بعد ما يسر الله لهم الوصول إلى بيته الحرام في سهولة واطمئنان وراحة بفضل من الله، ثم بفضل ما وفرته حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمات، وجندته من رجالها لرعاية الحجاح، فإن من الطبيعي أن يتجه الجميع إلى الله ملبين مهللين لله الواحد الأحد مع مطلع شمس هذا اليوم في طريقهم إلى منى لصلاة الظهر والعصر، ثم صلاة المغرب والعشاء ففجر يوم الغد ويقال لهذا اليوم ( يوم التروية ). فبعد صلاة فجر يوم غدٍ التاسع من شهر ذي الحجة يكون الاتجاه لعرفات بعد مغادرة «منى» التي قيل إنها سميت كذلك لما يراق فيها من الدماء من ( منى يمنى ) أي أراق. أخرج أبو الفرج في مثير الغرام عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأله : لم سميت منى ؟ فقال : لما يقع فيها من دماء الذبائح وشعور الناس تقربا إلى الله تعالى وتمنيا للأماني إشفاقا من عذابه. وقد روى مسلم والبخاري عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم التروية بمنى وصلى العصر يوم النحر بالأبطح، وقال البخاري : وصلى الظهر والعصر يوم التروية بمنى. كما أخرج الحافظ أبو الفرج في مثير الغرام عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة : ليلة التروية ، وليلة عرفة ، وليلة النحر ، وليلة الفطر .. وقد أخرج مسلم عن جابر رضي الله عنه : أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح حتى إذا كان يوم التروية جعلنا مكة بظهر أهلنا بالحج. والغد هو يوم الحج الأكبر يوم عرفة وفي الحديث : (الحج عرفة).