يأتي الاحتفاء بالعيد ال49 لثورة 14 اكتوبر 1963م التي قامت ضد الاستعمار البريطاني الجاثم على المحافظات الجنوبية والشرقية آنذاك في الوقت الذي يعلو فيه خطاب الانهزامية ومحاولات التراجع عن أروع المحطات وأقدسها في حياة الشعب اليمني، فهذه الثورة التي انبثقت من جبال ردفان الأبية، وقضت على تشظي المحافظات الجنوبية وتحولها من دويلات إلى دولة مركزية قوية، وأعلنت وحدة الشعب والأرض اليمنية هدفا استراتيجيا لها، تأتي واليمنيون قلوبهم شتى، والدعوة إلى إقامة كيانات ومشاريع صغيرة حاضرة وبكل صلافة من قبل شراذم من فاقدي الوعي والداخلين في غيبوبة وطنية. إن ثورة 14 اكتوبر من أعظم الثورات وأكثرها تضحيات، علاوة على أنها أكثر الثورات مبدئية ووطنية، حملت قيم التحرر والوحدة الوطنية، لكنها اليوم تتخطفها المزايدات، في خطاب سياسي وإعلامي ينسف حقائق التاريخ وأحدية الثورة اليمنية التي حققها كل اليمنيين بأفق عربي وإنساني تحرري نبيل. إن اللحظة الراهنة معنية بتقييم الإعوجاجات في سياق المحطات السياسية والتاريخية وما رافقها من خطاب سياسي وإعلامي وثقافي، والانتصار لكل ما هو أخلاقي وقيمي فيها، ورفض كل ما هو سلبي وضيق، لكن دون أن يعني تقييم التاريخ والتغيير والتحريف في حقائقه ووقائعه من أجل أهداف اليوم التي تعتبر ذروة الانهزامية واليأس، التي عملت على تكريسها ممارسات سياسية واجتماعية أنهكت العقل والوجدان اليمني معا وأخذته بعيدا عن سياق الواقع ومعطياته، الذي سيظل حيا بالتحولات من أجل الأفضل، وستظل مثل هذه المناسبات الوطنية جرسا يدق في مثل هذه الأوقات العصيبة، لنتذكر محطات الثورة والحرية والنضالات المتعاقبة من أجل وحدة اليمنيين وتقدمهم والانتصار لكل المشاريع الإيجابية متجاوزين سلبية الممارسات الحزبية والفردية على حد سواء والتي أحدثت كل هذا الشرخ في جدران الوطن.