لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم هل هي متهم ام بريء؟ سؤال أرق مضجع الرياضيين لاسيما بعدما اصدرت هذا الموسم العديد من القرارات المتباينة في مضمونها ومدى مطابقتها للائحة الموضوعة سلفا، وأضحت بذلك مثارا للجدل في الشارع الرياضي بعد أن اعتبرها البعض محابية في مناسبات مشابهة لأندية على حساب أخرى رغم أن المخالفة واحدة الأمر الذي من شأنه أن يولد احتقانا بين الجماهير الرياضية لا يريد له أحد أن يتوالد في ظل الشحن المتواصل الذي تتعرض له المدرجات من هنا وهناك. «عكاظ» سلطت الضوء على دور اللجنة من خلال القانوني خالد الطويل، الى جانب رئيس نادي القادسية السابق عبدالله الهزاع، ورأي اعلامي للزميل منيف الحربي، ما منح الموضوع بعدا آخر من النقد الهادف لهذه اللجنة الحيوية في اتحاد الكرة. الهزاع: غياب التخصص أضعف القرارات رئيس نادي القادسية السابق المهندس عبدالله الهزاع شارك برأيه قائلا: لجنة الانضباط منذ ولادتها وهي تنثر آثارا سلبية هنا وإيجابية هناك ولاسيما في الفترة الأخيرة التي أظهرت تفاوتا كبيرا في القرارات المتخذة بحق الحالات المصاحبة حيث ينظر في حالة ولا ينظر في حالة أخرى مشابهة وتعاقب مرة ومرة تغض النظر وبلا شك أن هذا التفاوت ساهم في ارتفاع حدة الانتقادات الموجهة للجنة، كما ساهم في تقليل نسبة نجاح العمل التي لا تتجاوز 35% من الهدف الذي أنشئت من اجله، ما انعكس سلبا على الشارع الرياضي. ولو تطرقنا إلى ايجابيات لجنة الانضباط فإننا ندرك تماما ان هناك العديد من الأخطاء تم القضاء عليها ولاسيما التي تحدث بعيدا عن الأنظار أو التي لا يتم اتخاذ قرار فيها من قبل حكام المباريات ولا تتم الإشارة إليها في السنوات الماضية وكانت تتمادى في انتشارها إلى أن جاءت لجنة الانضباط لتحد من هذه الأخطاء. وفي الوقت نفسه، انتشرت سلبيات ومن بينها تكرار الأخطاء التي تقع فيها لجنة الانضباط على سبيل المثال هناك قرارات تصدر بحق أخطاء وتغيب عن أخطاء مماثلة بمعنى أن لجنة الانضباط نستطيع أن نقول عنها بأنها «تنام في حالات وتصحو في حالات»، لذلك لا غرابة عندما تتخذ قرارات بعد وقوع الحادثة بثلاثة أيام، وأحيانا تصدر قرارات لحالات اقل منها جسامة بعد شهر أو أكثر. وبين أن منهجية لجنة الانضباط متأرجحة وليست ثابتة وساهمت في اهتزاز صورة اللجنة وقراراتها لدى المتلقي، وذلك بسبب أن العاملين على لجنة الانضباط متطوعون وليسوا متفرغين لأن الإنسان عندما يكون متفرغا فإن نسبة الكفاءة في اداء العمل تصل إلى اكبر درجة من المعالجة للأخطاء، كما أن المسؤولية تحتاج إلى صلاحية وهذا الأمر لا يتحقق عندما يكون القائم بالعمل متطوعا لأنه يجد صعوبة في التوفيق بين الأعمال الخاصة باللجنة وبين أعماله الخاصة. ومن مساوئ عدم التفرغ ضعف القدرة على متابعة جميع المباريات في الجولة الواحدة، فالمتخصص وذو الكفاءة العالية لا يفضل العمل التطوعي وبالتالي نحن أمام غياب التخصص والاحترافية. واستبعد الهزاع ان يكون تناقض القرارات وتفاوتها من حالة الى أخرى بقصد او انها موجهة إلى أندية معينة او لاعبين او حتى مسؤولين، وإنما جاءت لعدم التفرغ، لافتا الى عدم رغبته في الحديث عن مدى امكانية وجود تدخلات في عمل اللجنة معللا ذلك لعدم قربه من اللجنة او أعضائها، مبديا ثقته في كافة العاملين في لجان اتحاد الكرة بشكل مطلق حتى وإن صدرت قرارات متناقضة في حالات كثيرة لأن المشكلة تكمن في غياب احتراف المسؤول. الحربي: ازدواجية المعايير من جانبه، علق الناقد الرياضي منيف الحربي قائلا: لا أود اجترار الماضي أو استعراض حكايات جدلية كثيرة يتناقلها المتابعون كل حسب ميوله ولونه المفضل، ويحفظون تفاصيل تناقضاتها وازدواجية معاييرها وتأثرها بمعطيات وأجواء متعددة. رؤيتنا للجنة الانضباط ينبغي ان تكون من منظور عام يعنى بالحركة الرياضية كنشاط تنافسي يحتاج للضبط وتحقيق العدالة ومنح فرص التنافس للجميع دون فوارق. عند الحديث عن الانضباط نستطيع الحديث عن الماضي كما نستطيع الحديث عن المستقبل.. الحديث عن الماضي ليس نقصانا في العقل دائما.. لكنني سأتجاوزه «ونحن نعيش مرحلة جديدة ونقف على مشارف أفق رياضي مختلف» إلى الحديث عن المستقبل.. في الماضي نعرف تناقض القرارات وتعدد المؤثرات.. نتمنى في المستقبل أن تكون السيادة للوائح ومواد النظام التي تطبق على الكل دون استثناء، وقبل ذلك أن يكون النظام منطقيا بفقراته ووضوحه، لأنه إذا كان النظام بذاته ملتبسا ومتناقضا فلا نلوم الآخرين حينما يستغربون تناقضاته ويتهمونه. باختصار.. لجنة الانضباط ركيزة أساسية في المنظومة الرياضية ودورها قضائي، نأمل أن تتجاوز في المستقبل الصورة التي كانت عليها في الماضي. الطويل: بدلا من الانضباط أصبحنا أمام لجنة قانون وكمنجة كما تحدث المستشار القانوني وعضو لجنة تطوير الرياضة السعودية سابقا خالد الطويل، حيث قال: الحديث عن وضع لجنة الانضباط باتحاد كرة القدم شيق ومشين، شيق لأنه يعطي انطباعا أكيدا عن نوعية الصراعات الموجودة في كرة القدم المحلية وطريقة الفوضى التي تدار بها تلك الكرة، ومشين لأن التدخل في عمل اللجنة وتغيير تشكيلها هو روتين مستمر ومتكرر في خرق لأصول القانون والعمل القانوني بشكل عام وهو ما يفضح (المستخبي) في أروقة لجان اتحاد كرة القدم. وإذا كان تشكيل لجنة الانضباط ولجنة الاستئناف كان الهدف منه تحقيق غايات ضرورية منها العدل والمساواة في الفصل في القضايا الرياضية مهما اختلفت مراكز أطراف الخصومة، وإثراء الساحة الرياضية بالطرح القانوني المؤسس والرصين، وتحقيق رقابة قانونية فيما يتعبق بالتطبيق الصحيح للأنظمة واللوائح والتعليمات، فإنه يمكن القول بعيدا عن الاستطراد وسرد الاحداث والوقائع المتعددة التي قد لا تتسع لها المساحة ان عنوان لجنة الانضباط في قراراتها كان ولا يزال سماحها بالتدخل في عملها وتسيير قراراتها لمصلحة طرف ضد آخر، والشواهد والأحداث هنا كثيرة، وإن كان أشهرها و(أكثرها فضيحة) هي القرارات التي اتخذت بحق الوحدة وتلك التي اتخذت ضد جمال تونسي، ولا أجد الأمر غريبا أن نستغرب ما يصدر من قرارات، فالأحوال التي تعيشها لجان اتحاد الكرة ومنها لجنة الانضباط تشير إلى مزيد من التخبط والفوضى في اتخاذ القرار، حيث لا مرجعية قانونية واضحة ومنضبطة، فالوحدة مثلا ظلمت من قبل لجنتي الانضباط والاستئناف ظلما واضحا لا يقبله عقل ولا ضمير ولا قانون، وهذا الظلم جاء نتيجة تخبط في فهم القانون وعدم العدالة عند تطبيقه، بل ارتكبت بحق الوحدة من قبل لجنتين قانونيتين اسما لا فعلا وواقعا - وبإيعاز مباشر من اطراف معروفة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب - أخطاء قانونية بحتة (لخبطت) في فهم القانون نصا وتكييفا وتطبيقا، ومنها أخطاء فنية شائنة شابت تكييف وتسبيب قرارات اللجنتين، وتلك الأخطاء ليست اتهاما من عندي بل تتضمنها القرارات الصادرة عن اللجنتين، فقرار لجنة الانضباط بحق الوحدة كان عبارة عن (سواليف) بنيت على (شكوك)، وبالتالي فإن اللجنتين استندتا في معاقبتهما الوحدة إلى (شك)، متناسية قاعدة قانونية يدركها طلاب (سنة أولى) قانون وهي أن الشك يفسر دائما لمصلحة المتهم. إضافة إلى ذلك لم تطبق لجنة الانضباط - التي خرجت في قرارها ضد الوحدة بأن هناك تلاعبا في النتيجة - المادة (15) من لائحة العقوبات التي توجب إلغاء نتائج الأندية التي تتلاعب في نتائج المباريات، وهو ما يعني حكما هبوط فريق التعاون كذلك إلى الدرجة الأولى، غير أن ظهر التعاون فيما يبدو قويا وتسنده واسطة (منعت) تطبيق القانون بحقه. وإذا كنت هنا سأشير الى ان استقالات اعضاء لجنة الانضباط هو النمط السائد منذ تأسيسها وهو ما يعطي انطباعا عن وضع اللجنة، فأود أن أختم اخيرا بالإشارة الى ان متخصصين قانونيين مثل الدكتور محمد البجاد والاستاذ صلاح القثامي، وهما ممن اعرف تماما انهما من خيرة القانونيين في المملكة، استقالا من لجنة الانضباط لأنهما نظيفان ولا يرضيان بأن يستغل القانون عبرهما، وأتوقف هنا حتى لا أقول أكثر عن أسباب استقالتهما!؟