رحمك الله أيها الأب والمربي الفاضل وصاحب الكلمة الطيبة، وها نحن نعيش هذه الأيام ذكرى مرور عامين على انتقالك إلى جوار رب كريم رحيم، وكان يفترض أن تذكرنا هذه المناسبة بألم فراقك ورحيلك عنا بصورة مفاجئة، ولكن حقيقة الأمر أنك لم تفارقنا نحن أهلك وأصدقاءك ومحبيك بل وحتى مجتمعك، فذكراك وأفعالك الصالحة ودروسك الثرية حية في نفوسنا، ولا أقول هذا من باب البلاغة أو المعنى المجازي، فنحن لا نكاد نحضر جمعا أو مناسبة أو اجتماعا خيريا إلا ونجدك حاضرا بآرائك وأفكارك من خلال أصدقائك وزملائك وأهلك وأبنائك، فقد تركت إرثا كبيرا متنوعا إذا ما تأملناه وجدنا فيه مجموعة من المفاهيم ووجهات النظر التي نحتاج إلى دراستها ونشرها، ونموذجا لنهج حياة وعمل صالح يجب تكراره، والمتأمل في مسيرة حياتك يجد أن أهم ما تركته هو تلك الطاقة الإيجابية وأكاد أقول النورانية التي كانت تلازمك، لأنك كنت تستقي همتك من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه وحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم متعلقا بذاته الشريفة وبسيرته المطهرة وأخلاقه الحميدة ومتأسيا به صلى الله عليه وسلم واتخذته محورا في كل ما تفعل، هذه الطاقة هي السر المتجدد عندما يذكرك من عرفك وتعامل معك، فهي تحث الإنسان دائما على الإنجاز وإعمار الأرض بما ينفع الناس وتدفعه إلى الأمام وألا يعترف بالصعوبات، فمن كان يستشعر أن الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم معه لا يخشى شيئا، هذه الطاقة في قوانين الفيزياء لا تأتي من العدم ولا تفنى وإنما تأخذ أشكالا أخرى وتتكيف مع الظروف والعوامل المحيطة وتعطي عطاءا مستمرا متجددا. رحمك الله يا أبي، فنحن لا تمر لحظة من اللحظات في حياتنا دون أن نذكرك أو نذكر ما علمتنا إياه، ونشتاق إليك شوقا كبيرا، ولا يعوضنا عن غيابك عن التواجد بيننا إلا عزاؤنا بأنك في أكرم جوار عند رب الرحمة والمغفرة سبحانه وتعالى، فجزاك الله خيرا على كل ما قدمت لمن عرفته ومن لم تعرفه، وأسأله جل وعلا أن يدخلك جنات الفردوس مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فقد كنت نعم الأب ونعم الصديق ونعم الأستاذ. رحمك الله رحمة الأبرار وأسكنك فسيح جناته وجعل أعمالك الصالحة ضياء لقبرك وأرجو أن يبقى ما زرعته في محيطك ووطنك وأمتك من خير يشع نورا إلى ما يشاء الله سبحانه وتعالى إنه سميع قريب مجيب. ياسر محمد عبده يماني