تصاعدت في الأسابيع الأخيرة التفجيرات وأعمال العنف التي شملت مناطق ومدنا عديدة في العراق، وراح ضحيتها العشرات من المواطنين؛ وذلك بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي الذي شهدته معظم المدن العراقية، وهو ما آثار التساؤل حول أسباب وتوقيت عودة العنف بهذه الصورة التي أعادت إلى الأذهان فترة المواجهات الطائفية التي عانى منها الشعب العراقي لفترة طويلة. إن النظر إلى الواقع السياسي والاقتصادي الحالي في العراق، والتطورات الجارية فيه ربما تجيب على ذلك السؤال، ويتحدد معالم هذا الواقع في استمرار سعي المالكي إلى الهيمنة على عملية صنع القرار، وإقصاء القوى المعارضة له، واتخاذ حكومته منحى مذهبيا واضحا بسبب جملة من المعطيات منها: عدم وضوح أي ملامح للتقريب بين الكتل السياسية المتنافسة رغم جهود الرئيس طالباني، حيث تزايدت حدة الاستقطابات السياسية والمذهبية، وهو ما يغذي الصراع المذهبي، ويزيد من حدة الاحتقان. بالإضافة إلى استمرار تأزم الوضع الأمني في ظل إصرار رئيس الوزراء على عدم تعيين وزراء للداخلية والدفاع، وفرض سيطرته على الوزارتين. كما أن عدم اتخاذ الحكومة أي خطوات ملموسة في ملف المعارضة واستمرار تهميش القيادات والكتل السنية، بما لا يتفق مع الدستور أو نتائج الانتخابات البرلمانية ساهم أيضا في تدهور الأوضاع. ومن الواضح أن التوتر القائم بين حكومة المالكي والحكومة الكردية في شمال العراق على خلفية العديد من الملفات التي من أهمها عقود البترول، وانتشار القوات الحكومية في المناطق التي يسميها الأكراد بالمناطق المتنازع عليها، وعجز الحكومة المركزية عن فرض وجهة نظرها بهذا الخصوص يمثل تهديدا للسيادة ويضاف إلى ما سبق، التأثير الواضح للتدخل الإيراني في العراق، ومساندته الواضحة لحكومة المالكي، والتي تتبنى بوضوح وجهة النظر الإيرانية فيما يتعلق بالأزمة السورية، على اعتبار أن العراق سوف يكون البديل الاستراتيجي لإيران إذا ما سقط النظام السوري.