لا جدال على أن توجه وزارة الإسكان لتوحيد معايير عملها بالتعاون مع صندوق التنمية العقاري، وذلك بتخيير المواطن بين الحصول على القرض العقاري أو الوحدة السكنية يعد خطوة مهمة في إطار تنظيم قطاع الإسكان الذي يعاني من اختلالات واضحة بين العرض والطلب وتضخم ملحوظ في الإيجارات وأسعار الأراضي. ولا شك أن خطوة من هذا النوع من شأنها أن تختصر كثيرا من الوقت في الإجراءات الروتينية المعقدة، وتحدد ملامح التخطيط المستقبلي وحجم التدفقات المالية التى ينبغي ضخها في الصندوق مع ضرورة التشديد على تحقيق أعلى معدلات للسداد حتى يتم توفير السيولة اللازمة باستمرار. ومع تقديرنا لمثل هذه الخطوة التنظيمية إلا أن السوق يبقى أمامه تحديات كثيرة من أبرزها دعم آليات التطوير العقاري الذي نال غالبية العاملين به انتقادات شديدة في الآونة الأخيرة لتركيزهم على تسقيع الأراضي دون تحويلها إلى وحدات سكنية بمبررات متعددة من أبرزها صعوبات في التراخيص والحصول على التمويل اللازم. أما التحدي الثاني فهو كيفية إقامة وحدات سكنية تحقق معادلة ثلاثية هي جودة التنفيذ والسعر المناسب والمساحة المعقولة. ولا شك أن هدفا عريضا من هذا النوع يحتاج إلى استيراتجية واضحة تقوم على توفير الأراضي الجاهزة للبناء وشركات مقاولات ذات خبرة كبيرة في بناء المدن السكنية متكاملة الخدمات، مع ضمانات كافية بعدم حدوث ارتفاعات غير مبررة في أسعار الحديد والأسمنت استغلالا للموقف كما تشهد بذلك الكثير من الشواهد السابقة. ويبقى على وزارة الإسكان ضرورة البحث عن الآليات اللازمة لتسريع مشروعها بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية لسد العجز القائم حاليا، مع ضرورة البحث عن أوجه الخلل العميق التي أدت إلى هذه الطفرة غير المسبوقة في الإيجارات وأسعار الأراضي خاصة أن بلادنا شبه قارة، والأراضي البيضاء داخل المدن ما زالت مساحتها كبيرة ويمكن أن تغطي الطلب أو يزيد، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار ضرورة إعادة النظر في أنظمة البناء الأفقية التي أدت إلى التمدد الكبير في الأحياء بدون تخطيط مسبق. إن تحديات الإسكان في المملكة تتجه إلى مناطق خطرة لارتباطها بالأمن النفسي والاجتماعي لشريحة كبيرة من المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، ومن هذا المنطلق بات من الضروري أن نكون جميعا على قدر المسؤولية والبحث عن حلول مبتكرة لها بعيدا عن التقليدية والروتين. * رئيس طائفة العقار في جدة