الحدث: تسارع إسرائيل الخطوات على طريق تهويد القدس، سواء من خلال عمليات الاستيطان أو التهجير لسكانها الفلسطينيين، أو من خلال الفصل العنصري، وبناء الجدران العازلة، بالإضافة إلى استمرار الاعتداءات على المقدسات، ومحاولة تقسيمها. مثلما يحصل في المسجد الأقصى؛ بحجة إعادة بناء الهيكل المزعوم. ماهو المطلوب عربيا وإسلاميا لحماية القدس والمسجد الأقصى ؟ يحتار الكاتب حين تستدعيه المسؤولية الوطنية لكي يتابع بعمقٍ تحليل الأحداث التي تجتاح القدس. فهذه مسألة أكثر من واضحة من ناحية المخططات والسياسات الإسرائيلية، فحين تضع «التهويد» عنوانا لما تعانيه القدس، فإن التفاصيل تبدو إخبارية، روتينية، لكثرة ما تعانيه مدينة السلام. وإلى حد كبير يشبه ملف القدس ملف غول الاستيطان الذي ينهب الأرض دون توقف، فيما تتحول بعض المستوطنات إلى مدن، وتنشأ فيها مليشيات، تكبر وتتسلح. الجيش الإسرائيلي لا يكاد يتوقف عن حمايتها والمساهمة في تنفيذ سياسات المستويات الأعلى إن كانت سياسية أو أمنية أو عسكرية أو بلدية. الفارق هو في زاوية وأبعاد النظر، في هذه السياسات والأهداف الأخيرة، التي تسعى إسرائيل لتنفيذها، وفي مدى مقاربة هذه السياسات والأهداف القانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة التي تحولها السياسة الأمريكية الموالية لإسرائيل إلى مجرد قرارات وأوراق تعلو رفوف المنظمة الدولية. الرئيس عباس وكل القيادات والفصائل والمؤسسات الفلسطينية، الكل لا يتوقف عن الشكوى والتحذير مما تتعرض له القدس، وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات الإسلامية والمسيحية، الكل يصرخ بأعلى الصوت مرارا وتكرارا ( وا عرباه .. وا إسلاماه ) غير أن الإجابة تأتي مبحوحة، ضعيفة، لا يتجاوز صداها آذان من يطلقوا مثل هذه الإجابات. يتحمس القادة حين تنعقد المؤتمرات الخاصة بالقدس، ويتنافخ الجميع في إطلاق التهديدات. لكن أهل القدس ومآذنها وسورها وأزقتها القديمة يعانون من وحشة الوحدة. عباس، وجه مؤخرا دعوة عاجلة لعقد اجتماعات استثنائية، لكل من الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لمناقشة ملف واحد، يجري التركيز عليه، وهو موضوع القدس. والدعوة تتجاوز في معانيها وأبعادها، آليات المتابعة الروتينية التي دأبت عليها منظمة التحرير، إلى وضع العرب والمسلمين أمام مسؤولياتهم التاريخية، فهذه المدينة، هي فلسطينية بقدر ما أنها عربية، إسلامية، فإن كانت رسالتها الإنسانية لا تصل لأسباب سياسية إلى أهل القوة والتأثير في العالم، فعلى الأقل، إلى أهلها وعربها ومسلميها ومسيحييها العرب. ورب قائل، وماذا يمكن للجامعة، ومنظمة التعاون أن تفعل غير ما تفعلانه، الحقيقة أن ما تفعله هذه المؤسسات حتى الآن لنصرة القدس، لا يسر صديقا ولا يكيد عدوا.