دحامس تعني في لغة العرب شديد السواد، فالقرية غزيرة وكثيفة بأشجارها وزراعتها والرائي لهذه البلدة يرى سوادا كثيفا في الأشجار الغزيرة المتداخلة فأطلق عليها دحامس أي شديد السواد، القرية هي إحدى بلدات باطن أبا السعود في نجران وعرف بغزارة مائها وخصوبة تربتها، واشتهرت القرية بزراعة الحبوب بأنواعها من بر وشعير وذرة ومحاصيل أخرى. عودة الحنطة توجد في أنحاء متفرقة من القرية آبار قديمة مطمورة مطوية من الطوب المحنوذ والوصول إلى الماء لا يتعدى 20 مترا، كما اشتهرت بلدة دحامس بزراعة الفواكه بأنواعها، مثل المانجو والجوافة والحمضيات وأشجار النخيل، كما اشتهرت بأصناف جيدة ومنافسة من ناحية الجودة وكبر الحجم، ويذكر المواطن محمد بن فلاح آل ضاوي، أنه في الآونة الأخيرة ومع انتشار الخير في ربوع الوطن لم يعد الأغلبية يهتمون بزراعة البر «الحنطة» كما كان في السابق إلا أن بعض الأهالي يلجأون لزراعتها من أجل الاستهلاك الخاص والمحدود العائلي، بالإضافة إلى التوسع العمراني وازدياد عدد السكان أشغل الكثير من الأراضي الزراعية، ومع ذلك فهي باقية متمسكة بجمال الزراعة والطبيعة وامتداد الأرض، كما أنها تمتاز حاليا بوفرة الخدمات العامة من كهرباء واتصالات وسفلتة، وهناك مشاريع في طريقها إلى التنفيذ مثل مياه الشرب والصرف الصحي، ويتطلع الأهالي في القرية وبقية قرى أبا السعود الأخرى الإسراع في تنفيذ مشاريع الصرف الصحي لحماية المياه الجوفية من التلوث بمياه الصرف. الوجه نوره بادي من عادات أهالي قرية دحامس عند ولادة المولود يمنح المبشر بالخبر السعيد حافزا ماليا ويتولى الدفع أقارب المولود الذكر، وبعد سبعة أيام يتم الاحتفال بالتمائم وفي اليوم الأربعين تخرج أم الوليد من البيت متجهة إلى أبعد نقطة، تحمل طفلها وبرفقتها أولادها الصغار وأقاربها يسيرون خلفها وهم يرددون الأهازيج المحلية «معنا صبيح الوجه نوره بادي»، ويطلق أهالي البلدة النيران ابتهاجا بالمناسبة واحتفاء بالمولود الجديد، وفي ذات الليلة يولم أبو المولود ويذبح لضيوفه في العشاء ويطلق على ذلك التقصار، والاسم مأخوذ من تقصير شعر المولود ويعمل أهل البلدة على جمع إعانات مادية لوالد المولود مساعدة له. طقوس الختان لم يعرف في دحامس ختان الأولاد إلا بعد وصول أعمارهم 12، وفي العادة يجتمع أهل البلدة في ختان أنجالهم بالجملة أي أكثر من ولد في الختان الواحد تعاونا على تقليل الكلفة المادية ويتولى والد المختون إخبار أخوال الولد ويخبرهم بنبأ الختان المرتقب، فإن عفاهم وقال لهم لكم البيضاء جاء أخواله فقط بذبيحة وكسوة للولد وإذا أصر على عدم عذرهم جمعوا قبيلتهم وأقبلوا بزامل وخناجر ومجموعة من الذبائح والحبوب ويتعشون عند نسيبهم عشاء فيه بعض الشدة والتحدي، ويمسون عند نسيبهم مع اللعب إلى الفجر وعند الفجر يأتي الختان ويختن. أكلات شعبية مداهن الرقش دحامس جزء لا يتجزأ من نجران، ويتميز سكان القرية بحبهم في المحافظة على أكلاتهم الشعبية في مختلف المناسبات، وأكثر الوجبات المشهورة في مناسبات الأعراس وفي الأعياد وفي الحفلات دون استثناء هي أكلة مداهن الرقش بالبر والمرق إضافة إلى اللحم، وكذلك وجبة البر والسمن والخبز البلدي الذي يسمى خبز التنور، وتشتهر به المنطقة وكذلك تمر الدقيق وهو التمر اليابس ويسمى دقوقة، وما زال موجودا حتى الآن إضافة إلى أن البيت النجراني تجد فيه المأكولات بأنواعها القديمة والحديثة، وهناك أكلة رسمية في المناسبات وهي الوفد والمرق، وهي عبارة عن بر طري ملفوف على شكل دائرة ويوضع داخل المطرح المصنوع من زعيف النخل ومرق يوضع في المدهن الحجري الصلب للمحافظة على حرارة المرق. أمثال شعبية الحكم والأمثال مما درج في كلام العرب وحياتهم اليومية، وذلك لما تحمل من معنى يوجز ويختصر الكثير من الكلام، ويكون له وقع على النفس ليس كوقع سائر الكلام. خطط في ما وقبص في حيد : يقال المثل في حالة عدم الفائدة من الشيء، أو عدم الفائدة من شخص تريد أن تفهمه بعض الشيء فلا يفهم ويصر ألا يفهم. بارقٍ لا ترعاه لا تستخيله : المقصود به الحث على عدم التدخل في شؤون الآخرين. ما كل بيضاء بشحمة ولا كل سوداء عجمة : المثل يقال عندما يظن شخص في شيء وهذا الشيء مخالف لظنه. ما ضربتوا خفه ضربنا قفه : بمعنى الموافقة على الفعل وإقرار الرضا أيما كان الفعل. بالبلدي سنابل قمح دحامس علي ناشر كزمان لغروب الشمس حكاية مختلفة في القرية، يرتبط الغروب بتساقط آخر حبات التعب لفصول ذلك اليوم، فمع إشراقة النهار تدب الحركة في البساتين وفي المنازل، هناك أصوات آلات الماء وحركة الماشية وأصوات الفلاحين، كلها تجتمع لتكون سيمفونية عذبة يتلذذ بسماعها أهل القرية، فلم تكن هناك عوازل ولا جدران مرتفعة تعزل كل أسرة عن الأخرى فالجميع كل من بعض. وضمن فصول الحياة في القرى تلك الرائحة العابقة بحب الأرض رائحة الطين وعندما يجيء يوم الحصاد، تتجلى عظمة التعاون بين أفراد القرية، فهم يشتركون في الحصاد معا يحتفلون بحب وتنطلق الأهازيج والغناء لأجل الحياة. تنقل السنابل بشكل حزم كبيرة إلى مكان درسها، ذلك المكان الذي أعده صاحب الأرض بطرق بسيطة ليكون صلبا يتحمل درس السنابل، ويسمى المكان في اللهجة المحلية «المجرن»، هنا في هذا الموضع تكون الأسرة بكاملها تعمل بجهد وبآلات بسيطة، يتغلبون على عوائق الدنيا بثقتهم في الله ثم تكاتفهم وحبهم للعمل وتأمين قوت الأيام، المكان يعج برائحة أعواد السنابل وأغاني الحصاد، تتلاقى الأصوات من بعيد وقريب تقذف بها الرياح لتلقي في الأسماع هنا وهناك دبيب الحياة، وتأتي الأمهات حاملات الغذاء الروحي والمادي، فهن مثال القوة التي يتكئ عليها الرجال في مواصلة أعمالهم، ويبدأ الانتظار فرج يأتي به الله، ويطول الانتظار لأول نسائم ترسلها السماء لترفع الأيادي كومات القش المحملة بحبات القمح ليكون الانفصال حبوب القمح هنا والقشور وأعواد السنابل هناك.. وتستمر الحكاية لتكتب آخر فصولها لذاك النهار، فرحة الفلاح وعائلته بكومات القمح الذهبية.