كنت أحد المتحاورين على قناة الحرة حول الأداء السياسي للرئيس المصري خلال الشهور الثلاثة التي قضاها رئيسا لمصر. فالسياسة الخارجية المصرية تشكل أهمية بالغة في المجالين الإقليمي والدولي. فالرئيس مرسي بدأ زياراته خارج مصر بالمملكة إيمانا بثقلها الاستراتيجي في المحيطين العربي والعالمي اتكاء على الموروث التاريخي للعلاقات بين الشعبين السعودي والمصري. فمصر مرت بمسيرتها المعاصرة ثلاث مراحل: مرحلة أسرة محمد علي واستغرقت 103 أعوام، فقد أسس محمد علي باشا عام 1838م وكان يعتمد في سياسته الخارجية على الامتداد الجغرافي ثم تراجع ذلك في العهود المتعاقبة حتى وقعت مصر في براثن الاستعمار، ثم جاءت الثورة المصرية التي قام بها الجيش بقيادة الرئيس عبدالناصر وظلت 60 عاما بدءا بعام 1952م واتسمت في عهد الرئيس جمال بالانتشار القومي أعقبه انكماش في عهد الرئيس مبارك مما أضعف من أهمية مصر الاستراتيجية المكتسبة. واليوم تعيش مصر ثورتها برئاسة مرسي ممثلا لحزب الحرية والعدالة. والمتابع لزيارات مرسي الخارجية يرى بأنه أخذ يحقق توازنا بين الدور الإقليمي والدولي. فهو يتحرك وفق خطة استراتيجية تقوم على توثيق العلاقة مع أصدقاء مصر من الدول وخاصة الإقليمية، وبناء مزيد من الصداقات العالمية، وهذا ما يعزز إعادة بناء الأهمية الاستراتيجية لمصر كي تستعيد شخصيتها الدولية، على اعتبار أن السياسة الخارجية هي امتداد طبيعي للسياسة الداخلية التي تواجه تحديات أكبر. وبقدر ما تحرك الرئيس المصري بنشاط بالغ في الحوار الاستراتيجي تجاه السعودية وإيران والسودان وتركيا، بقدر ما ترك على جانب الطاولة ملفات شديدة الحساسية مع كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة. فتجاه إسرائيل لم يحدد موقفه من العلاقات معها، ولا حتى جاء على ذكر المبادرة العربية للسلام، كما لم يحدد موقفه من الولاياتالمتحدة وضمان أمن إسرائيل مع أنه أشار إلى دعمه دول مجلس التعاون، كما أن اتجاهه نحو الشرق لم يكن على حساب الغرب كما فعل عبد الناصر، مما ترك هاتين الدولتين ومعهما بعض الدول تتخذ موقف المراقب الحذر.