منذ الخليقة وإلى وقتنا الراهن والعالم يشهد الحروب والصراعات الإنسانية التي أودت بحياة الأعداد الكبيرة من ذرية آدم، وكل ذلك بسبب حماقة من ابتليت بهم الإنسانية. رؤساء دول وأمم أوقعوا شعوبهم في دوائر الهلاك في مختلف الحقب والزمان. نيرون وهتلر وستالين وبن قوريون وشارون وغيرهم كثيرون قضوا على أعداد كبيرة من البشر بسبب حماقاتهم، والعجلة تدور بقتل الناس بفعل حماقة زعامات بعض الدول في وقتنا الحاضر. فالشعوب والدول والأمم والإمبراطوريات لا تحمق وإنما يقاد بعضها لأعمال حمقى بفعل حمق قادتها. أول من مارس الحمق هو إبليس. فقد بين القرآن في عدة مواقع أمر الله للملائكة بالسجود لآدم تكريما وتوقيرا له . «ولقد كرمنا بني آدم ... وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» (الإسراء 70). وحماقة إبليس يؤكدها عصيانه لخالقه عندما رفض السجود لآدم، قال تعالى: «ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين». (البقرة 34، الأعراف 11 18، الإسراء 61 65، الكهف 50، طه 116، الحجر 28 43). وقصة هابيل مع أخيه قابيل تنم عن حماقة قابيل الذي كان يحسد أخاه هابيل ويغار منه ...، فقد قرب كل منهما قربانا إلى الله فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل فغضب قابيل وامتلأ حسدا لأخيه فوسوس له إبليس بقتله فقتله. ثم أخبرنا الله تعالى عن قصة هلاك قوم نوح بالطوفان الإغراق بالماء التي توضح حماقتهم لعدم الامتثال لدعوته واختيار الكفر، وكذلك حماقة ابنه (كنعان ؟) الذي لم يستجب لنداء أبيه نوح بالركوب معهم السفينة، «وحال بينهما الموج فكان من المغرقين» (الأعراف 59 64، هود 36 46، نوح 26) . وذكر في القرآن قصة بني إسرائيل، حينما أتوا إلى النبي موسى راغبين في أن يلجأ إلى ربه لمعرفة القاتل لأحدهم. فأمره الله أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة، وظنوا أن موسى يسخر ويستهزئ بهم فأرهقوه بالأسئلة عن صفتها ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، فشدد الله عليهم لحماقتهم بما يندر وجوده والعثور عليه، لكنهم وجدوا البقرة واشتروها فذبحوها وضرب القتيل ببعضها فنهض من موته. وهناك قصص كثيرة في القرآن تؤشر إلى حماقة أشخاص وأقوام لا يتسع المجال لذكرها ومنها قصة إخوان يوسف (سورة يوسف) وقصة فرعون مع موسى وقومه بني إسرائيل وقصص قوم هود وقوم صالح وقوم عاد وثمود وقوم لوط. وقد ذكر في القرآن قصة اتخاذ بني إسرائيل العجل إلها لهم. التاريخ يشير إلى نيرون آخر إمبراطور روماني (68 37) قبل الميلاد، فقد أراد أن يعيد بناء (روما) فتعمد شب الحريق بها لمدة أسبوع فقضت الحرائق على معظم أحياء المدينة، وهلك الآلاف من سكانها، واضطهد كثيرا من الناس وقدم منهم طعاما للوحوش وأحرق آخرين، فاستمرت الحال هكذا لمدة أربع سنوات تخللتها الفوضى والجريمة إلى أن أعلن انتحار نيرون كنهاية لحماقته.. قصة شمشون (الجبار) اشتهرت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد . كان ذا قوة لا توصف، وقد تغلب على خصومه، فكافؤوا زوجته، بمال وفير إن هي أعلمتهم بسر قوته . فقال لها إن سر قوته في شعره، فطلب خصومه منها قصه وهو نائم، ففعلت واستحالت قوته إلى قوة عادية فداهموه في داره وقبضوا عليه وأدخلوه السجن . ثم اقتادوه لقاعة كبيرة واستهزؤوا به وسخروا منه وتسلوا عليه، فغضب وتملكته الأنانية والحماقة، حيث نمى شعره، فاقتلع عمود وسط القاعة وصرخ قائلا: (علي وعلى أعدائي يا رب) فأطبق سقف القاعة عليه وعلى الحاضرين وماتوا جميعا . وهذه نهاية الحماقة !.. والله أعلم.