كنت أسمع من كبار السن أن خدمة النفس عبادة، ولا أخفي عنكم أنني ممن يؤمنون ويؤيدون هذا الخلق والمسلك بل العمل النبيل متى ما أصبح عادة لصيقة وقيمة دافعة تسمو بالنفس وتعلو بها من درجة التواكل إلى قمة التوكل على الله وحده دون الحاجة إلى معين إلا متى ما دعت الضرورة القصوى إلى ذلك. حيث إنني ممن لا يؤيدون الدخلاء مهما كانت أخلاقهم يظلون غرباء ما لم تربطنا بهم علاقة دم أو نسب لنثق أنهم منا ونحن منهم وإلا (فقلوب الناس يقلبها الله كيفما يشاء)، فما بالك بغرباء نجهل عنهم الكثير والكثير إلا ما يرغبون في إظهاره لنا ويخدم مصالحهم وأهدافهم التي لا يعلمها إلا الله تعالى، فنحن بلد خير وقلوب يغمرها الخير والحمد لله ولا أنزه بلدي ولكن أحسبه كذلك، حيث إن لكل فرد وأسرة وعائلة ومجتمع خصوصيته وطريقة عيش مختلفة عمن سواه بل وله حريته الشخصية التي يكره أن يشاركه فيها أحد عنوة أو برضى منه، فالنفسيات تختلف والظروف تختلف والأسباب والمسببات تختلف ولكن الضحية واحدة والهدف واحد وهم فلذات أكبادنا، وهل غلاؤهم نرخصه مقابل خدمات لو تكاتفنا لعملها جميعنا كل يقوم لما احتجنا للخدم والحشم بل القتلة بالباطل. فخدم اليوم ليسوا بخدم الأمس، فالعالم يتغير وهم يتغيرون فزمن الطيبين وأهل الثقة قد ولى.. فالحذر كل الحذر ممن لا خير فيه. وما دمنا في زمن يرى أن الخدم شر لابد منه لحاجتنا الضرورية وغير الضرورية إليهم في أغلب الأحيان، إذن فالحل العاجل لحماية فلذات أكبادنا خير لابد من التوعية إليه واقتراح الحلول لإنقاذ ما يمكن ومن يمكن إنقاذه من شر هؤلاء الجبابرة. فلماذا نسكنهم في منازلنا ؟، وما المانع من أن نستأجرهم بالساعة أو اليوم قدر الحاجة ثم يردون إلى مكاتب الاستقدام لمن لا يرغب في وجودهم معه في المنزل باستمرار.. وأغلب منازلنا لا تحتاج إليهم كل الوقت ولكن تبتلى بهم رغما عنها فلا يوجد حل بديل لهم إلا القبول بهم، فنحن كمن يشتري له من حلاله علة يعتل ويكتوي بها طوال مكوثها معه، بل قد تستمر علتها ولا تنتهي، كما حدث لأهل تالا وكل من عانى من شر هؤلاء كما هم أهل تالا اليوم يعانون ويقاسون الأمرين.