الجولة الخارجية التي قام بها حاليا الرئيس اليمني هادي إلى كل من بريطانيا، والولايات المتحدةالأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وألمانيا حملت دلالات مفتوحة زمنا وجغرافيا ومضامين؛ فمن جهة هي الأولى ومن جهة ثانية هي الأعمق من حيث كونها أتت بعد فترة مخاض شعبي، وإثر تسوية سياسية لا زالت بعيدة عن واقع التداعيات الأمنية والاقتصادية التي يمر بها اليمن. ويكفي أن قضايا الشعب اليمني كانت حاضرة وبقوة بما فيها مشكلة الفقر والأمية والانفلات الأمني والإرهاب الذي هو نتاج طبيعي لمجتمع يعاني كل هذه التعقيدات السوسولوجية وبالتالي فالقضاء على الإرهاب هو محصلة نهائية للنجاح المتحقق في معالجة القضايا الإنسانية والمجتمعية الأخرى. وتعد هذه الجولة إلى هذه البلدان التي كانت معنية وطوال عامين بالملف اليمني تعزيزا للشراكة الدولية المفترضة في حماية بلد ذي موقع جغرافي استثنائي من الانهيار، وتداعيات مثل ذلك على المنطقة عموما. وأجزم أن هناك عمقا في المحادثات ومكاشفة حقيقية لطبيعة كل ما يحدث في اليمن على كل المستويات والأدوار المفترض أن تلعبها هذه الدول بمعيار المصلحة التي هي الوجه الآخر للأمن والاستقرار. وقد تجلى هذا العمق والفهم العالي لطبيعة مشاكل اليمنيين. فيما ظهر من تصريحات أكدت على جوهر المسألتين الاقتصادية والأمنية، وعلى اعتبار أن المبادرة الخليجية هي الآلية الأكثر قدرة وحيوية في حل الأزمة اليمنية، وإشراك مختلف الأطراف في صناعة المستقبل. إن العالم معني أكثر من أي وقت مضى بأن بقاء اليمن بلدا وشعبا ومقدرات في هذه الزاوية الحرجة من التوتر والانفلات وغياب المؤسسية لا يخدم مشروع الاستقرار في العالم. والمطلوب مساعدة هذا البلد على النهوض الاجتماعي والاقتصادي والثقافي كي يكون رقما في نسج وضع فكري جيوبوليتيكي يخدم قضية الحياة كما صاغتها المواثيق الدولية أخلاقيا وقانونيا.