العاطفة الدينية والعاطفة الإنسانية هما اللتان تحركان الإنسان نحو سلوك خاطئ في الحج سواء كان ذلك من الحجاج أو كان من فريق التنظيم والخدمة فعندما يقرر المواطن أو المقيم في يوم التروية أو عرفة قرارا مفاجئا بالصعود إلى الحج لمجرد مشاهد تلفازية حية من المشاعر حركت عاطفته الدينية وأوهم نفسه بأن الحج دعوة من الله للعبد ومتى نوى النية إليها يسر الله له السبل وفي أصعب الأحوال يقنع نفسه بالأخذ بمبدأ الحج عرفة وبالتالي فإنه سينطلق في كافة تصرفاته في هذا الشأن من هذا الدافع العاطفي فلا يفكر في تصريح ولا يفكر في تنظيم ولا مكان للمبيت في منى وإنما الأرض فراشه والسماء لحافه ويسير بالتساهيل وإن واجه المشقة في الجمع بين التفرغ للعبادة والبحث عن التساهيل في التنقلات والإقامة يبعث لنفسه رسالة تحفيز عاطفي بأن الأجر على قدر المشقة وينسى خلال مسيرته في هذه الشعيرة الدينية وهي الركن الخامس من أركان الإسلام أنه قد ارتكب معصية في طاعة ولي الأمر فيما يخص الالتزام بتنظيمات الحج كما أنه تسبب في مضايقة حركة ضيوف الرحمن بافتراشه في منى وقد يتسبب في سلوكيات الجدال في الحج وقد يخرج من الحج موزورا غير مأجور. وعندما يرضى صاحب وسيلة نقل لنقل الحجاج إلى رحلة الحج ولايسأل عن تراخيص حجهم بحجة أنه لا شأن له في ذلك أو بحجة الستر عليهم عسى الله أن يستر عليه يوم القيامة فإنه ينطلق في هذا التصرف من جهل أو تجاهل متعمد بالأنظمة حتى وإن كان بحسن نية بدافع شعور عاطفي ديني أو إنساني وينسى أو يتناسى أنه يرتكب معصية في طاعة ولي الأمر وقد يتسبب في تعطيل حج من نقلهم وإيذاء نفسه بالعقوبات لو تم ضبطه. وعندما يتغاضى الميدانيون في أمانة العاصمة عما يحدث على أرض عرفة من حجز الأماكن الواقعة على الحدود وخارجها وأهل مكة يسمعون بهذه التجارة الرائجة في حجز الأماكن وحمايتها وإعادة نصب الخيام المزالة فإن ذلك تيسير للحملات غير المرخصة من قبل وزارة الحج وتمكينها من عرفة والحج عرفة وكل ذلك بدافع العاطفة الإنسانية بأن هذه الأماكن إنما هي لضعاف الحجاج من أهل مكة وغيرها.. إننا بحاجة إلى تضافر الجهود لنشر ثقافة العقلانية في الحج بمنهجية تدغدغ مشاعر العاطفة الدينية والإنسانية ليكون الحج عبادة وسلوكا حضاريا.