يختلف متذوقو ومحبو الموسيقى والغناء العربي ويتفقون على هذا وذاك من الملحنين، حتى على صاحب المقام الكبير في الأغنية العربية محمد عبدالوهاب، إلا أنهم أجمعوا على عبقرية ذلك الموسيقي الذي كل شيء فيه يدعو إلى الجنون والعبقرية والنفاذ إلى عوالم أخرى في عالم الفن، بليغ حمدي الذي كان تأثيره بليغا بلا شك على الحياة الفنية وذائقة المستمع العربي، حتى وغير تلك الآذان العربية من خلال ما قدمه من ألحان لصغار وكبار الحناجر العربية في دنيا الغناء، أما تأثيره البالغ والنابع من العمق وسويداء الفنان الموهوب والعبقري القابع في مكان خفي بين جوانح هذا العبقري الموهوب، فكان متنوع العطاء، فهو صاحب النغمة الشعبية المرتبطة بالأرض بمصر «البلدي»، منذ أن أعد ذلك اللحن في بداية مشوار وردة الجزائرية مع الغناء «يا نخلتين في العلالي»، كذلك مع ربيب مشواره في دنيا الفن عبدالحليم حافظ الذي بدأت خطواتهما معا للسير في دنيا الفن، حتى أنهما تبادلا المواقع مبكرا، بعد أن كانت بدايته مطربا، بينما كانت بداية عبدالحليم عازفا لآلة «الابوا»، وهي الخطوة التي كانت بنصيحة أحد خبراء الفن يومها حافظ عبدالوهاب، الذي كان رأيه علامة في الآراء والاستشارات الفنية في عالمنا العربي، عندما كان الفن والفنان العربي بالأمس صنوين للصدق والإبداع الحقيقي، الأمر الذي بناء عليه اقتنع عبدالحليم بتسمية فنية فيها الكثير من الإكبار والتقدير لأستاذهما حافظ عبدالوهاب، وهي تسمية نفسه عبدالحليم حافظ، بدلا من اسمه الحقيقي عبدالحليم شبانة، ولتكون أغنية الانطلاق بين بليغ وحليم أغنية «تخونوه». وليس بغريب ما قاله موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عن عبقرية بليغ «من أراد أن يتعرف على الملامح والهوية المصرية ليستمع إلى ألحان بليغ حمدي». وقد لا يكفي الحديث عن عبقري في الموسيقى، مثل بليغ حمدي في هذه العجالة، وفي مقال صحافي، وهو الذي يحتاج إلى دراسات كبيرة وتفرغ وبحث. كيف لا وهو الذي نأى المختلفون في دخول عبدالوهاب حياة أم كلثوم في أنت عمري عام 1964 بين موافق ومعجب ورافض، باعتبار أن أم كلثوم حالة سنباطية لا تقبل عبدالوهاب، نأوا باختلافاتهم هذه ولم يعترضوا على دخول بليغ حمدي حياة وتاريخ أم كلثوم منذ «حب إيه»، وغيرها. فاصلة ثلاثية، تقول مارلين مونرو: يحب الرجل عن طريق عينيه وتحب المرأة عن طريق أذنيها. ويقول شيسون: خير لنا أن نحب ونخفق من أن لا نحب ابدأ ويقول يوسف الخال: الحب يبدأ حيث تنتهي الرغبة في الأخذ.