لم تكن مستغربة مصارحة ومكاشفة الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية، المجتمع الدولي في الكلمة التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة البارحة الأولى والتي أكد فيها أن القضية الفلسطينية ما زالت تشكل أكبر التحديات المستمرة التي تواجه الأممالمتحدة منذ نشأتها، داعيا المجتمع الدولي إلى اعتماد السياسة التي تنتهجها المملكة لحل الأزمات الإقليمية والدولية والتي تقوم على ثقافة التسامح. هذه هي المملكة التي تتحدث بشفافية في كل محفل دولي عن هواجس الأمة. بوضوح لا لبس فيه وبشفافية تؤكد قناعة الحق بالقول، استعرض الأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية مواقف المملكة من كافة القضايا العالمية والإقليمية التي تهم الشعب السعودي بداية والأمتين العربية والإسلامية ثانية والإنسانية جمعاء. لقد قالها سموه أمام المجتمع الدولي: إن القضية الفلسطينية ومهما تراكم قبلها وبعدها من قضايا ساخنة ومؤلمة وملحة تبقى كأهم التحديات المستمرة التي تواجه الأممالمتحدة منذ نشأتها. فأطلق بذلك رسالة واضحة المعالم لكل من يعنيه الأمر، إن على صعيد السلام في الشرق الأوسط أو على صعيد مكافحة الإرهاب أو على صعيد حل نقاط الخلاف الدولية. فبوابة الحل والحلول واستتباب الأمور هي القضية الفلسطينية ولا شيء غيرها وإن كانت هذه القضية محوريتها ودلالتها وتأثيرها الشامل، فإن المملكة أبدت وعيا واستدراكا لكل التحديات الأخرى، واضعة عبر كلمة الأمير عبدالعزيز الأصبع على الجروح التي تدمي شعوب المنطقة من الأزمة السورية وما يطغى عليها من تقاعس دولي بوجه إجرام نظام يهوى قتل شعبه، إلى السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل التي تقود إسرائيل مساره في المنطقة، وصولا إلى الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية وما يمثل ذلك من عقبة لحسن الجيرة بين دول الخليج وانتهاء بالحرب على الإرهاب والجهد الكبير الذي بذلته المملكة في هذا السياق. قضايا كثيرة متنوعة تؤكد شمولية رؤية المملكة للمنطقة وهمومها إلا أن الأمير عبدالعزيز في كلمته اختصر كل ذلك ليقول إن سياسة المملكة الخارجية تقوم على استراتيجية ثابتة لا تحول فيها ولا تخضع لأية مؤثرات، استراتيجية دولية عنوانها «ثقافة التسامح ودعم الحق العربي» والتي عبرها تتقدم الحلول والمبادرات والتسويات السياسية على لغة القتل والحروب والدمار والدماء. فسياسة المملكة عبر ثقافة التسامح تجعل من أولوياتها الإنسان في كينونته ومستقبله، في تنميته ورقيه، فلطالما كانت الحروب مسارا للتخلف والتراجع والفقر والبطالة، فيما كانت التسويات السياسية العادلة بوابة للتنمية والتطور والرقي. كلمة المملكة الشاملة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكل وصفة صادقة للأمراض السياسية والأمنية التي تعيشها المنطقة والعالم، إنها التحدي الذي على العالم والدول المنضوية تحت الأممالمتحدة أن تتلقفه وتعمل من إجله؛ من هنا جاء تأكيد المملكة في المقطع الأخير من كلمة الأمير عبدالعزيز، أن المملكة تدعم كل عمل تقوم به الأممالمتحدة والمنظومة الدولية من أجل ترسيخ الاستقرار والعدالة في هذا العالم المضطرب.