استعرت المواجهات في سورية لتحرق الأخضر واليابس، حتى الآثار والحضارات القديمة على أرض بلاد الشام باتت مهددة بالزوال والانقراض، خصوصا من طرف النظام الذي يمتلك أدوات التدمير الحربية لأقدم الحضارات على الأرض في قلعة حلب والمرقب في حمص، وبصرى في درعا. وكما هي العادة في الحروب، تكثر أعمال السرقة والنهب، دون أن توفر الآثار العريقة، تشير المعلومات من دمشق إلى أن أعمال السرقة والتنقيب غير المشروع عن الآثار انتشرت على الأراضي السورية. وتقول فيرونيك دوج الباحثة في مركز التراث العالمي ل«اليونسكو»: «من البديهي أنه في مثل هذه الأوضاع نشهد دائما انتشارا لأعمال النهب والتنقيب غير الشرعي عن الآثار وتهريبها». مذكرة بعمليات النهب الواسعة التي تعرضت لها الآثار العراقية العام 2003. وفي الريحانية، المدينة التركية الصغيرة على حدود سورية، يؤكد لاجئون سوريون وصلوا أخيرا من مدينة تدمر الأثرية الشهيرة أن متحف المدينة تعرض للنهب وأن الموقع تعرض لعمليات سرقة واسعة النطاق. وأن الجيش السوري موجود في المكان ويشرف على كل شيء، وأن عمليات النهب من فعل ميليشيات نظام بشار الأسد. وقال الأثري الإسباني روديغو مارتن «لقدر درسنا ما يقولونه بوساطة سوريين يعملون معنا، وتبين أنهم فعلا جنود وهو ما يدعونا إلى الاعتقاد بأن الجيش يمارس السرقة أو يسمح بسرقة آثار تدمر وغيرها من المناطق الأثرية». وفي تقرير لها شددت منظمة «يوروميد-هريتتج» التي يمولها الاتحاد الأوروبي على خطورة عمليات التنقيب السرية التي تقوم بها بعض الجماعات. وأكد التقرير أنها «تهدد تاريخ سورية وتراثها الأثري منذ سنوات عدة. وللأسف أدت الأحداث الحالية إلى زيادة هذا الخطر بصورة كبيرة. وهناك جماعات عدة تقوم بعمليات تنقيب سرية بدءا بقوات الأمن». وأضاف «الأدهى أن عمليات التنقيب السرية هذه أصبحت موضع مساومة، حيث تتغاضى عنها السلطات لكل من يوافق على البقاء بعيدا عن الانتفاضة». وترى عالمة الآثار البريطانية إيما كونليف أن كارثة الآثار العراقية العام 2003 تتكرر حاليا، مضيفة انظروا إلى أسعار القطع الأثرية الجميلة في مزادات كريستيز وسوثبيز. لذلك طالما أن هناك مثل هذا الطلب في السوق العالمية فإن عمليات النهب ستستمر.. ويخشى السوريون وسط استمرار الحرب أن يضيع التاريخ حتى بأحجاره الأثرية.