جسدوا مفهوم الإرادة بمعناها الحقيقي، وقهروا المستحيل، بقليل من الدعم والرعاية والاهتمام، فأصبحوا كالأصحاء وربما يفوقونهم في بعض الأحيان، إنهم طلاب برنامج التربية الفكرية (التخلف العقلي) في محافظة رنية، يبلغ عددهم حتى الآن نحو 190 طالبا انضموا للبرنامج الذي افتتح في مدرسة رنية الابتدائية عام 1420ه. وأكد محمد السبيعي أن ابنه كان يعاني تخلفا عقليا وصعوبة في الاحتكاك مع طلاب التعليم العام وعانى كثيرا في بداية التحاقه بالبرنامج، لكنه بمرور الأيام تجاوز المعضلة بتعاون الأسرة والمدرسة، ما جعلهم يشعرون بالفخر من تفوقه وتحسن حالته، مشيرا إلى أنه جرى تحويله لطلاب التعليم العام وهو الآن متفوق ومن أفضل الطلاب. في حين بين مهدي السبيعي أن ابنه الأكبر يعاني صعوبة في الكلام وتشوهات وعيوبا جسدية، وأسهم البرنامج في تحسن تحصيله العلمي وتدريبه، لافتا إلى أنهم يطمحون في تكثيف دعم البرنامج لهم، والاهتمام بهم. إلى ذلك، كشفت إحصائية (حصلت «عكاظ» على نسخة منها) أن الأهالي في بادئ الأمر لم يدركوا فائدة البرنامج حين جرى اعتماده في المحافظة، ما قلل من الإقبال عليه، إذ لم يلتحق به سوى 12 طالبا ومعلما وبواقع فصلين دراسيين حتى شاهد أولياء الأمور أبناءهم قادرين على تخطي ما يعانون من مشاكل بفضل من الله ثم بفضل البرنامج المقدم لهم، فزاد الإقبال على البرنامج في العام الثاني لافتتاحه، ووصلوا ل28 طالبا والاستعانة بثمانية معلمين، وجرى تزويده بمعلم التدريبات السلوكية (الأخصائي النفسي) الذي أسهم بشكل أكبر في التعامل مع طلاب الصف الأول الذين يحتاجون لأخصائي نفسي يتفهم صعوبة اندماجهم مع المجتمع. وبات البرنامج يحظى باقبال كثيف عاما بعد آخر من الطلاب الذين يحتاجون للرعاية والاندماج حتى بلغ عدد الطلاب المنضمين في العام الماضي نحو 190 طالبا، وتخرج من البرنامج 33 طالبا جرى نقلهم للمرحلة المتوسطة. وبدوره، أوضح الأخصائي النفسي ببرنامج التربية الفكرية في مدرسة رنية الابتدائية فيحان الحميدي أن البرنامج يعمل على مساعدة الطالب للتغلب على إعاقته، لافتا إلى تحويل أحد طلاب البرنامج إلى فصول التعليم العام. وقال «تمت ملاحظة الطالب حتى التأكد من اندماجه ومسايرته لأقرانه في صفوف التعليم العام وقد واصل دراسته حتى تخرج من المرحلة الابتدائية والتحق بطلاب المرحلة المتوسطة الأسوياء»، لافتا إلى أنه جرى تحويل طالب أيضا في البرنامج لإكمال تعليمه بصفوف التعليم العام بالمدرسة. من جانبه، طالب مدير التربية الفكرية بمدرسة رنية الابتدائية مترك تركي السبيعي بضرورة تعاون القطاع الخاص ورجال الأعمال بالمحافظة من أجل تأهيل طلاب البرنامج لمساعدتهم في الانضمام لسوق العمل بعد تخرجهم من أجل مساعدتهم على الاندماج والتعايش مع المجتمع، مؤكدا على أهمية التحاق من استطاع من هؤلاء الطلاب بمعهد التدريب المهني الذي سيفتتح قريبا بالمحافظة، ما يؤهلهم بشكل جيد للحصول على فرص عمل. يذكر أنه جرى افتتاح برنامج التربية الفكرية للبنات مطلع العام الماضي بعد النجاحات التي حققها برنامج تأهيل الطلاب.
