ماذا يعني إعلان قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد نقل قيادة الجيش إلى الداخل السوري.. وهل هذا الإعلان يعني إطلاق مرحلة جديدة وربما أخيرة في سبيل إجراء التغيير، وإسقاط النظام، وتحرير كامل التراب السوري من نظام استبدادي أهلك الحرث والنسل. لا يمكن النظر إلى قرار قيادة الجيش السوري الحر بالانتقال إلى الداخل السوري إلا من الزاوية الاستراتيجية لهكذا قرار جريء ما كان ليحصل إلا استنادا إلى معطيات ميدانية أولا، وسياسية ثانيا. في المعطيات الأمنية فإن قرار الانتقال كقيادة عسكرية إلى الداخل إنما يشكل مؤشرا واضحا على الوضع العسكري داخل المدن السورية وتحديدا في حلب وريفها حيث تدل كافة المعطيات المراقبة من دول غربية، وإعلام عربي وأجنبي أن الجيش السوري الحر يسيطر على ما يقارب ال 80 في المئة من ريف حلب. كما أنه يسيطر على المعابر الحدودية في تلك المناطق وخاصة تلك التي مع تركيا والعراق والأردن وبالتالي فإن القرار المتخذ هو رسالة من الجيش الحر إلى من يعنيه الأمر مفادها أن سيطرته على تلك المناطق إنما هي سيطرة نهائية قابلة للتوسع وليس للانكماش، لا، بل أبعد من ذاك، إن فرض حظر الطيران إن حصل كما تروج له فرنسا ومعها تركيا سيشكل تحولا ميدانيا كبيرا خاصة أن كل الحراك العسكري للنظام السوري في تلك المناطق يقوم على سلاح الطيران دون غيره مع عجز القوات البرية على فعل أي شيء. في المعطيات السياسية يشكل إعلان الجيش الحر بالانتقال كقيادة إلى الداخل إعلانا غير مباشر عن بداية مرحلة جديدة من الثورة يمكن تسميتها مرحلة الربع الساعة الأخير، فهكذا قرار لا يمكن اتخاذه أو الإعلان عنه إلا وفقا لمعطيات سياسية إقليمية ودولية، معطيات تقول إن كل المباحثات والمشاورات التي تحصل النقطة المشتركة الوحيدة فيها أن رئاسة بشار الأسد لسورية انتهت. وبالتالي أن الجيش السوري عبر قيادته في الداخل هو طرف رئيس في صناعة سورية المستقبل لا، بل هي جاهزة لاستلام دفة الأمن عند حصول أي تغيير مفاجئ، هي رسالة واضحة أن ما يروج له عن مستقبل مجهول لسورية بعد سقوط النظام لا أساس له من الصحة، وأن الجيش السوري الحر قادر على استلام زمام الأمن، وضمان الاستقرار ومرحلة العبور إلى نظام ديمقراطي تعددي بعيدا عن القتل والفوضى والظلم. .. «إلى الداخل درّ» قالها الجيش السوري الحر وقبله بخجل المجلس الوطني المعارض، فالداخل هو الثورة والكل يدرك ذلك، ومن عليه أن يصنع مستقبل سورية عليه أن يكون في الداخل، فالثورات تصنع وتقطف ثمارها في الميدان وليس في الفنادق والمنتجعات. الربع الساعة الأخيرة، إنها حقيقة باتت واضحة للجميع وتحديدا لنظام لا يجرؤ على إرسال قواته البرية إلى المواجهات لأنهم إما سيتقلون أو سينشقون، هذه هي الحقيقة، هذه هي الوقائع.. ولنقول إن معركة قطع رأس النظام الأخيرة بدأت .