هل جربت «الهجرة من أجل البحث عن المال»؟ هل جربت «الخوف» و«غياب الأمن»؟ هل جربت «الجوع والمجاعة»؟ هل جربت أن يؤذيك أحد أثناء «الصلاة»؟ هل جربت أن تدفع «الضرائب» التي تصل إلى ما يقارب نصف دخلك؟ هل جربت أن تعود إلى بيتك يوما فتجده مدمرا بقنبلة أو «صاروخ»؟ هل جربت أن تدفع معظم دخلك «رسوما» جامعية لأبنائك؟ هل جربت أن تسير في «الطرقات» وتدفع «رسوما» عليها؟ هل جربت أن تصلي في «الخفاء» هربا من أعداء «الدين»؟ هل جربت أن تخرج من بيتك فتجد «جارك» مذبوحا أمام باب بيته دفاعا عن أهله؟ هل جربت «الهرب» من بلد تطحنها الحروب وتتجاذبها الأحزاب والقوى؟ هل جربت أن تخرج من بيتك وتقع «رهينة» في أيدي «أحزاب» مناهضة؟ هل جربت أن تستيقظ في الصباح فتجد بلدك كله «محتلا» من بلد آخر؟ وهل جربت أن تشاهد ابنتك «تغتصب» أمام عينيك؟ بعض هذه الأسئلة كانت جزءا من رسالة رائعة، وصلتني عبر برنامج التواصل الاجتماعي بالجوال «واتس آب» بمناسبة اليوم الوطني السعودي رقم 82 الذي يصادف اليوم 23 سبتمبر، وهي أسئلة افتراضية تحمل معاني كبيرة وبليغة لم تأت عبثا أو من فراغ، فكل ما ورد في تلك الأسئلة موجود في واقع مأساوي لدول مجاورة عربية وإسلامية ليست بعيدة عنا كثيرا، وقد ذاق أهلها الأمرين وكابدوا ظروفا قاسية متعبة وحياة صعبة فيها من الامتحان والابتلاء الشيء الكثير. والذي ينظر ويتدبر في أحوال تلك البلاد وشعوبها يجب عليه أن يحمد الله كثيرا ويشكره ويثني عليه، فبالشكر تدوم النعم وتنمو وتزيد. يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: «لئن شكرتم لأزيدنكم». لذلك أصبح لزاما علينا جميعا «الدعاء» لأهالي البلاد المنكوبة، و«الشكر» وتقدير نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي نعيش بها في هذا البلد الذي يقف ولله الحمد شامخا راسخا في ظل «ظروف» صعبة وأمواج عاتية ورياح عاصفة تهب على عالمنا العربي والإسلامي منذ زمن ولا يعلم سوى الله سبحانه وتعالى متى تهدأ. وللأسف أن الإنسان بطبعه يميل لتذكر وتتبع ما ينقصه وما يرغب في الوصول إليه، ويتناسى أحيانا أن ما يملكه أضعاف ما لا يوجد بين يديه، وهنا تكمن مشكلة كبيرة قد توقع الإنسان في إشكالية «جحود» النعم. ولو تأمل الإنسان حوله فقط دون أن يذهب بعيدا سيحمد الله كثيرا على الفضل الذي بين يديه الذي قد لا يشعر به في أثناء حمى سعيه خلف ما يريد. والمواطن السعودي، إذ يحتفل بيوم وطنه الراسخ، عليه أن يتذكر كيف استطاع هذا الوطن العزيز أن يوحد القبائل ويجمع القلوب ويقرب المناطق ويحقق للإنسان العزة والكرامة والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة. ويتذكر كيف ساهم هذا الوطن المعطاء في رفعة الإسلام ونصرة المسلمين في كل مكان. ويتذكر أن هذا الوطن منحه كامل «هرم» الاحتياجات الإنسانية، فوفر له الأمن والغذاء والتعليم والصحة والعمل، وغير ذلك من الاحتياجات الضرورية. وأخيرا، على المواطن المنصف أن يوجه لنفسه سؤالا مهما ومنطقيا: ماذا قدمت أنا لوطني؟ وماذا يمكن أن أقدم لهذا الوطن الذي يستحق كل محبة وتقدير؟ الوطن الذي يستحق أن نحتفي به ونفرح من أجله عاما بعد عام. [email protected]