منذ شدا طلال مداح، في مطلع الستينيات الميلادية، برائعته الوطنية «وطني الحبيب» من ألحانه في مطلع تعاونه مع الإعلام الرسمي «الإذاعة»، ثم أغنيته الشهيرة بينه وطارق عبدالحكيم وسمو الأمير الشاعر عبدالله الفيصل رحمهم الله جميعا «أفديك يا وطني» بدأ تاريخ الأغنية الوطنية السعودية الفعلي، إلى جانب ما قدمه الموسيقار العميد طارق عبدالحكيم رحمه الله. ثم جاءت عهود مختلفة، تتالى على الإنجاز فيها من نجومنا مطربون وملحنون وكتاب أغنية، جاء إبداع جديد يترجم هذه العلاقة بين الإنسان والأرض في هذه البلاد المعطاء التي ما فتئت تصنع الرجال وتصنع الخير الذي منحه الله لها، كعوامل بناء حضارة للإنسان، فجاء الفن مثل غيره من الروافد ليترجم «مجد بلادنا»، وكان هؤلاء المبدعون ممن تولوا ترجمة مشاعر المواطنين كثيرين.. من كتاب وموسيقيين ومطربين مثل: إبراهيم خفاجي، محمد طلعت، محمد عبده، عبادي الجوهر، عبدالله محمد، سراج عمر، صالح جلال، سامي إحسان، علي عبدالكريم، محمد عمر، سعد إبراهيم، عودة العودة، وطلال سلامة، وغيرهم الكثير. محمد عبده بصفة خاصة كان أشبه بالمتحدث بلسان الوطن في عالم الأغنية الوطنية قبل أن يبلغ العشرين من عمره، عندما قدم «أوقد النار يا شبابها، تعال معايا بلادي الغالية»، وهما من أشعار إبراهيم خفاجي الذي أهدى الوطن الكثير من الأغنيات والأعمال الوطنية، لعل من أبرزها خمس أغنيات لطلال مداح «يا أرض السعودية، السعودية حبي أنا»، وغيرها، ثم أوبريت الجنادرية الأشهر «عرائس المملكة» لمحمد عبده وطلال وراشد الماجد وعبدالمجيد، منذ ذلك الحين بدأت تتواتر أعمال محمد عبده الأرسخ مكانة في بناء مجد الأغنية الوطنية في المملكة، مثل: قصة الأمجاد، الله أحد وأرضي بعد، فوق هام السحب، بلاد السلام لطلال باغر ووجدي بشاوري، رواية.. حنا للخليج رجال لمحمد شفيق وسعود سالم، حنا جنود الله لسعود بن عبدالله ومحمد شفيق، حنا الحرس من ألحانه وكلمات الخفاجي، ذرى العوجا لسعود بن عبدالله ومحمد شفيق، والكثير من الأغنيات الوطنية التي رددتها الحناجر والأفئدة كذلك كان سراج عمر الفنان الكبير الذي قدم الكثير من الألحان الوطنية، منها لصوت محمد عبده من أشعار البدر بن عبدالمحسن، كذلك نشيده الشهير من ألحانه وكلمات سعيد فياض «بلادي بلادي . . منار الهدى» والأوبريت الذي قدم في افتتاح إحدى دورات الجنادرية «التوحيد» من ألحانه وكلمات سمو الأمير الشاعر خالد الفيصل. أما سامي إحسان فقد ملأ الإعلام أعمالا وطنية منذ جمعه لأول مرة صوتي طلال مداح ومحمد عبده في أوبريت «السيف والقرآن» لمحمد هاشم رشيد في بداية السبعينيات الميلادية من إنتاج أمين قطان، ثم قدم الكثير من الأغنيات الوطنية، لعل أشهرها «علم التوحيد» لمحمد عبده من كلمات صالح جلال وإبراهيم خفاجي، و«قلنا نعم». بصوت محمد عمر من كلمات أحمد السعد، وللملحن محمد المغيص أيضا أعمال وطنية ذاعت وشاعت، لعل في مقدمتها «سعوديين دستورنا شرع الله» بصوت طلال مداح من كلمات الأمير فهد بن محمد، كذلك «أوبريت عرين الأسد» في الجنادرية من أشعار الأمير خالد بن سعود الكبير، وأغنية من كلماته أيضا بصوت خالد عبدالرحمن. وفي هذه المناسبة التي نحتفل بها اليوم تردد البعض عن المشاركة، مرجعين ذلك لما تشهده الأوضاع العامة في عالمنا العربي والإسلامي، ومنها ما يدور في سوريا اليوم، ومن هؤلاء كان الفنان جواد العلي الذي قال ل «عكاظ»: كل عام والوطن بألف خير وأن نحتفل في كل عام إن شاء الله بأمجاده، ولكن للأسف لم استطع أن أشارك زملائي في الساحة؛ بسبب تلك الجراح العميقة التي تتصدر أخبار الشقيقة سوريا اليوم، والتي تسيل فيها دماء أبنائها هدرا. ولا أخفي كان من هذا اعتذرت عن كثير من المشاركات والحفلات التي لا أتخيل نفسي مشاركا فيها في هذه الظروف. أما النجم حسن أبو حسنة الذي سبق له إنتاج الكثير من الأوبريتات والأعمال الوطنية فيقول: كل عام ونحن نرفل بخير تحت قيادتنا العظيمة التي أعطت للوطن الكثير وللمواطن، ما جعله يحب ويعمل أكثر لصالح الوطن وأمنه واستقراره.