مع تصاعد العقوبات الاقتصادية، وأخيرا تلك التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، والدول الأوروبية على النظام السوري يتوقع البعض انهيارا وشيكا للنظام خصوصا في ظل الإنفاق المتزايد على العمليات العسكرية، فهل يسقط النظام نتيجة فاقة اقتصادية تطيح بأركانه؟!. نسمع بين الفينة والأخرى عن قائمة عقوبات تطبقها الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي؛ تطال النظام السوري سواء ببعض مسؤوليه، وحتى بعض رجال الأعمال الذين يعرف عنهم دعمهم وتأييدهم للنظام، وكان الحديث يتردد دائما عن تضييق الخناق الاقتصادي على النظام، كل ذلك طبعا يترافق بعزلة سياسية لم يسبق لها مثيل، ومن البديهي استنتاج أن العقوبات الاقتصادية أضعفت وستضعف النظام، وهذا الأمر بات النظام يعترف به بلا تردد أو وجل. و قدر الفرنسيون أن الاقتصاد السوري يخسر مايعادل مليار يورو شهريا. كل ذلك يهدد في طبيعة الحال بانهيار لم يعد بعيدا للاقتصاد السوري. هذا الانهيار الذي لو حصل سوف يضعف النظام كثيرا، وسوف يحد من قدراته العسكرية، وغير العسكرية. ولكن السؤال الأهم هل يؤدي انهيار الاقتصاد المفترض إلى انهيار النظام نفسه مما يقود بالنتيجة إلى سقوطه ؟ طبعا الجواب هو لا. وذلك لعدة أسباب منها: إن التجارب العديدة من العقوبات الاقتصادية التي سبق للمجتمع الدولي تطبيقها على دول عديدة لم تؤت أكلها. فقد تم تطبيق عقوبات على كوريا الشمالية، وكوبا، ونظام صدام حسين، وحتى على النظام السوري نفسه في الثمانينات. ولم يسقط أي نظام من هذه الأنظمة بفعل العقوبات، بل الأسوأ من ذلك استطاعت هذه الدول أن تلعب دور الضحية التي يتآمر عليها العالم الإمبريالي. ليس لشيء إلا لأن هذه الدول رفضت الخضوع والاستسلام لإرادته. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن السبب الأهم لعدم نجاعة هذه الطريقة في إسقاط النظام السوري نفسه هو أن نظام الأسد نظام مافيوي عائلي يلبس ثوب الدولة. وللمفارقة المحزنة أن ذلك يجعله أقوى وأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات. فهو ليس من الأنظمة التي تعنيها التداعيات الاجتماعية للحصار الاقتصادي على الشعب السوري بأي شكل من الأشكال. ومن جهة أخرى فإن نظام الأسد يقوم على الأجهزة الأمنية وقوات النخبة من الحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة والتي لن يجد صعوبة كبيرة في تمويلها سواء مما تبقى من أنقاض الاقتصاد السوري، أو من مساعدات أصدقائه في طهران وبغداد. فهذا النظام أبدى استعداده وفي أكثر من مرة للتخلي عن دور الدولة مقابل دور العصابة والمافيا؛ دور الدولة ذاك الذي لم يكن سوى قناع يخفي خلفه وجهه القبيح عن أعين العالم، وللأسف نجح في ذلك لفترة طويلة في تمرير كذبة الدولة على العالم أجمع، وكانت هذه الكذبة ستطول لولا الثورة المباركة للشعب السوري العظيم والتي وضعت هذا النظام على المحك الحقيقي الذي لم يجد بدا من أن يسفر عن وجهه الحقيقي؛ وجه العصابة القبيح.