يأتي الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم ضمن سلسلة سابقة اجترحها غوغائيون لايفقهون معنى لاحترام مقدسات الآخرين، ومعتقداتهم، ولايؤمنون بأن الحضارة الإنسانية قائمة على مدى تقدير التنوع. والإسلام يمثل مشاعر مقدسة لأكثر من ملياري مسلم من سكان العالم. وبالتالي من الصعب استفزاز هذا العدد الهائل من البشرية تحت مبرر الحرية التي هي في المقام الأول مسؤولية أخلاقية معنيه إلى جانب احترام روحانيات هذه المعتقدات وتأثيرها في وجدان البشر. تحتاج المسألة أيضا إلى موضوعية وقراءة تاريخية وثقافية عند تناول أي من هذه الرموز ومكانتها بعيدا عن لغة الإسفاف والبذاءات تحت طائلة الحقد والكراهية الدينية، وهي مشاعر لاتستقيم ولاينبغي أن يكون عليها العالم في تطلعاته لحوار الثقافات واحترام ترسيخها كثروة إنسانية لايجوز المساس بها. إن الطرح السابق يحاول أن يتجنب الخطاب العاطفي ومن حق الجميع الاعتداد به – ويقترب من المشترك الواجب توافره في العلاقات الإنسانية على مختلف المستويات . وينبغي الاعتراف بأن هذا الفيلم وأشباهه من أشكال الإسفاف والاستفزاز معا قد أثار حفيظة الجميع بمن فيهم النخبة الثقافية والفكرية التي تعمل على ترسيخ الحريات وتقديسها وجعلها منهاجا يوميا في الحياة. وماردود الفعل تلك والمتمثلة في الاعتداء على السفارات الأمريكية في أكثر من بلد إلا تعبير (نتمنى أن لايتكرر) عن مدى وعمق الجرح الغائر في نفوس المسلمين، وهى رسالة ينبغي أن يعيها القائمون على موجهات الثقافية والتعبير في العالم بأن هؤلاء سيتفانون في الثأر لكرامة وتاريخ رموزهم. فينبغي عدم الصيد مرة أخرى في الماء العكر .