لقد اتسم المجتمع السعودي بعادات وتقاليد وثقافة عريقة لازال معظمها يمارس إلى هذه الساعة.. بالرغم من التطور الشامل الذي حدث في بنية المجتمع، والذي كان له أثره في تغيير نمط بعض تلك العادات وبما يتماشى مع روح العصر، وظروف الحياة. وكان للمساحة الجغرافية الكبيرة التي تحتضن ذلك المجتمع أثرها في تنوع أساليب الحياة وأنماط المعيشة في أوساطه، فبالإضافة إلى تنوع اللهجات والفنون والأنماط العمرانية، هناك التنوع في العادات والتقاليد والثقافة، حسب طبيعة كل ناحية ومنطقة، فلسكان الساحل ثقافتهم، ولسكان الجبل أو الريف أو الصحارى ثقافتهم أيضا. والمتتبع للصورة العامة لذلك الأمر يلحظ التأثيرات الجهوية في مسألة الاختلاف والتنويع وهو أمر طبيعي فسكان الشريط الساحلي في غرب الجزيرة العربية مثلا يقتربون في بعض عاداتهم من عادات الشعوب المطلة على البحر الأحمر من الضفة الأخرى. أما سكان شمال الجزيرة العربية فهم ذوو عادات تتشابه مع بعض ماهو سائد في بلاد الشام، وذات الأمر ينطبق أيضا على سكان الجنوب الزاخر بتراثه، وكذلك المنطقة الشرقية المتاخمة لإمارات الخليج، إضافة إلى السمات العامة في العادات والتقاليد التي تربط قرى وحواضر مجتمع نجد في المنطقة الوسطى مع محيطه.. المشهد الثقافي المعاصر في المملكة العربية السعودية، يبدو زاهيا في ظل المتغيرات البيئية والاجتماعية التي طرأت خلال السنوات الأخيرة، وفي وجود حالة التمازج الإنساني الخلاق. فقد سطعت في فضاء الثقافة العربية بعض الأسماء الموهوبة التي حملت هما ثقافيا وإبداعيا فريدا، تمثلت في كوكبة من الشعراء والأدباء والمفكرين الذين جاؤوا كنتاج طبيعي لحركة ديالكتيكية عاشها المجتمع الثقافي المحلي، وجاءت منجزاتهم الثقافية والأدبية المغايرة والتي تجاوزت الحدود الجغرافية كدليل على صحة ما أقول.. ويمكن اعتبار تلك المرئيات الخارجية المشخصة للمشهد الثقافي السعودي، مؤشرا على تصاعد الحركة الثقافية الداخلية (ذات الخصوصية)، فالمعلوم أن مجتمعنا بغالبيته لم يتأثر بتيارات التغريب الاستعمارية المباشرة، ولم ينسلخ عن جذوره الدينية ولا عن تقاليده، إلا بما يتواكب مع حركة التغير الثقافي العام، والعولمة التي شملت أرجاء المعمورة. والأمر هام، ويحتاج إلى وقفات.. وللحديث بقية.