جاء انعقاد مؤتمر المانحين الخاص باليمن في المملكة تجسيدا عمليا وواقعيا لمتطلبات المرحلة السياسية في اليمن والتي تحتاج إلى تسوية اقتصادية موازية للتسوية السياسية؛ تعمل على انتشال الوضع المعيشي والإنساني من أصعب حالاته، وأعقد ظروفه والارتقاء النسبي به بما يحقق قضيتي الأمن والاستقرار، ويخفف من البؤر الملتهبة بالعنف والصدامات، والانصراف الملحوظ عن قضية التنمية للأحزاب والتحالفات السياسية والقبلية والتركيز على إدارة الخلافات والتناقضات وتعميق الفوضى. إن مؤتمر الرياض الخاص بدعم اليمن هو اتجاه أخلاقي من رعاة المبادرة الخليجية، والحل السياسي لدعم خيارات اليمنيين في الاستقرار وبالذات في جانبه الاقتصادي، ورؤية عقلانية تستوعب أن اليمن بحاجة إلى دعم حقيقي ملموس، يؤثر في معيشة المواطنين، ويخفف من تنامي مسألة الفقر التي لا تستقيم مع ما تتطلبه منطقة الجزيرة والخليج العربي من تنمية مشتركة، واستقرار لا يتحقق إلا بإغلاق خيارات العنف المفتوحة التي تستثمر القوى البشرية المختلفة التي تعاني من الحاجة فتتجه اتجاهات سلبية تؤثر على تناغم الطمأنينة في هذه الجغرافيا. لا نقول إن حل المانحين سيكون سحريا في اليمن لكن 6,400 مليار دولار يمكن لها أن تخفف من وطأة الواقع القائم، وينبغي أن تتم المتابعة والإشراف على برامج الحكومة التي ستستوعب هذا الرقم خلال الفترة الزمنية المحددة، ويصل تأثيرها الإيجابي إلى كل مواطن يمني، بعيدا عن أيدي الفساد الذي لم يبق ولم يذر أية قيمة إنسانية وأخلاقية ومادية في حياة اليمنيين. المرحلة المقبلة هي مرحلة استثنائية؛ فاليمن يسير باقتدار وخطى ثابتة في الجانب السياسي والأمني، رغم قسوة الواقع وصعوباته. وينبغي أن يأخذ الجانب الاقتصادي حقه من الاهتمام الإقليمي والدولي كضرورة مواكبة تساعد على نجاعة الحلول السياسية والأمنية، وإنضاج التسوية في مداها الإنساني المأمول.