لم يدر بخلد الأخصائي الاجتماعي عبدالعزيز القحطاني. أن ذلك اليوم الذي سيذهب فيه إلى عمله بالمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ومن ثم يصطحب مجموعة من الأيتام إلى متنزه الثمامة بالرياض هو يومه الأخير في هذه الحياة. وكأن قدر الأوفياء النبلاء ألا يرحلوا بصمت بل يكون رحيلهم الكبير شامخا ومؤثرا.. حيث قضى الفقيد القحطاني رحمه الله إثر حادث دهس لدى اصطحابه مجموعة من أبناء الوزارة الأيتام إلى متنزه الثمامة، حينها باغتهم أحد الأيتام بالسيارة التي لم يحكم السيطرة عليها، نظرا لكونه مبتدئا في السواقة ليقفز الزميل الراحل رحمه الله من مكانه باتجاه يتيم كانت ستصطدم به السيارة ومن ثم يزيحه عنها ويقضي هو رحمه الله تحت عجلاتها.. فهذا الرحيل الكبير لعبدالعزيز رحمه الله ما هو إلا امتداد شامخ لوجهه المشرق وصفحته البيضاء الناصعة مع الأيتام الذين كان لهم أخاً وأباً وصديقاً وفياً وليس مجرد موظف أو أخصائي يؤدي عملا مؤطرا بحدود الزمان والمكان. ولقيت حادثة رحيل القحطاني اهتماما بارزا في مختلف الأوساط الإعلامية والاجتماعية في حينها.. وهو ما توجه التوجيه السامي الكريم بمنح الفقيد يرحمه الله وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى.. وهو الوسام التقديري الذي يمنح لمن يؤدي خدمة كبرى للدولة أو لأحد مؤسساتها أو يقوم بخدمة أو أعمال ذات قيمة معنوية هامة أو لمن يقدم تضحيات كبيرة.. حيث قدم وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الوسام لذويه في مكتبه بالوزارة صباح أول من أمس، مؤكدا على أن هذا التكريم المستحق إنما هو في حقيقة الأمر تكريم لكل وطني مخلص نذر جهده وحياته لخدمة هذا الوطن الأثير.. فكيف بمن يبذل نفسه فداء لهذا الوطن ومواطنيه.. حيث رفع الوزير العثيمين شكره وتقديره للمقام السامي الكريم على هذه اللفتة الأبوية الوطنية الحانية. أسرة الفقيد لن تعدم الكلمات لتعبر بفخر عن فقيدها أما نجليه مهند وشقيقته حور عندما يتلجلج السؤال في شفتي كل منهما (وين بابا).