لفت الدكتور يحيى بن محمد عطيف الأنظار إلى أهمية النظرة الكلية العامة للسورة القرآنية، والوقوف على وحدتها في تدبر السورة وتذوق بلاغتها وإدراك مقاصدها وأهدافها، وانتقد سيطرة المعالجات الجزئية لبلاغة النصوص، ومنها النص القرآني في تراثنا البلاغي، قائلا: «رغم ذلك بعض علماء الإعجاز لم يغفلوا النظرة الكلية لبلاغة النص، من خلال حديثهم عن وحدة السورة القرآنية، ومن أوائلهم الباقلاني الذي عد وحدة السورة والتناسب المعنوي بين آياتها نوعا من الإعجاز النظمي، واختار سورا منها سورة النمل أوضح من خلال تحليلها هذه الخاصية البيانية في نظم القرآن وأسلوبه»، جاء ذلك خلال محاضرة عطيف، البارحة الأولى، في النادي الأدبي بأبها عن «وحدة السورة القرآنية عند علماء الإعجاز». وأشار عطيف، في ثنايا المحاضرة التي أدارها عضو أدبي أبها الدكتور مطلق محمد شائع عسيري، إلى أن الفخر الرازي يعد أول من صرح بالوحدة الموضوعية للسورة، والمتأخرون من علماء علم المناسبة كالزركشي والسيوطي اهتموا بوحدة السورة وعدوها فرعا من علم المناسبة، وأوضحوا بعض مظاهر وحدة السورة كمناسبة فواتح السور لخواتمها ومناسبة الفاتحة لموضوع السورة وغرضها العام، وأوضح أن وحدة السورة حظيت بعناية بعض المحدثين من علماء الإعجاز، كالرافعي وسيد قطب الذي أبرز الوحدة الموضوعية في السورة بشكل علمي مكتوب، وطبقه أروع تطبيق على امتداد تفسيره الظلال، مضيفا أن محمد عبدالله دراز عمق معنى الوحدة في السورة والتحام أجزائها التحاما عضويا، وأكد تجاوزها للصلات الجزئية ومجرد الترابط والتناسب في المعاني إلى أنها ذات نظام كلي ومنهج محدد يقوم على مقدمة وموضوع وخاتمة، وهذه العناصر تتآزر لتحقق مقاصد السورة وأهدافها، وطبق ذلك عمليا على سورة البقرة، مفصلا القول في هذه العناصر التي تؤلف وحدة هذه السورة الكريمة.