سألت أحد القضاة الفضلاء عن أسباب تعطل معاملات الناس وقضاياهم لشهور وأحيانا لسنين فذكر لي أسبابا لذلك (قوية ومحبطة) في الوقت نفسه. فذكر أن عدد القضاة في المملكة العربية السعودية الآن وصل إلى 800 قاض فقط بمعنى أنه هناك قاضٍ واحد لكل 32.500 مواطن هذا إذا افترضنا أن عدد السكان في المملكة 26 مليون نسمة.. وفي ظني أن هذا سبب كافٍ لتأخر البت في العديد من القضايا وتحديد الجلسات كل ستة أشهر ولو تأخر أحد الخصوم لحدد له موعد آخر أيضا بعد ستة أشهر أخرى وبذلك تتعطل المصالح والبت في القضايا والخصومات. وقد ذكر لي فضيلته سببا آخر مرتبطا بالسبب السابق المتعلق بعدد القضاة وهو قلة عدد المحاكم فمدينة مثل الرياض أو مكة لا يوجد فيها إلا محكمة عامة واحدة. وبالرغم إننا نحمل القضاة مسألة التأخير في البت في القضايا إلا أن ما ذكر فضيلته أن عدد الجلسات له في اليوم الواحد تصل إلى 18 جلسة وهذا في ظني يفوق قدرة وطاقة الإنسان الفكرية والجسدية فكيف يستطيع أن يحكم في قضايا يحتاج الأمر فيها إلى الاستماع إلى كل طرف، وكذلك الاستماع للشهود. إن ذلك حمل يفوق مقدرة أي قاضٍ خاصة أن قضاتنا ينشدون العدل في حكمهم تبعا لما تعلموه من قيم وشريعة هي أعدل شريعة عبر تاريخ البشرية. لا شك أن في ذلك ضغطا نفسيا على القاضي ليس من السهل تحمله، وقد ذكر فضيلته أن من أسباب تأخر البت في القضايا أيضا رغبة بعض المحامين في إطالة أمد القضية فتجده يطالب بتأجيل القضية ولأكثر من جلسة للاستفادة من تطويل المدة وتعدد الجلسات !!!. ومن الأسباب التي ذكرها أيضا صعوبة إحضار الخصوم!!!. وهنا أسأل: لماذا لا يعمل كما في أوروبا وأمريكا وهو الاستعانة بتكوين مؤسسات عبر القطاع الخاص لإحضار الخصوم (المتهربين) من حضور الجلسات وتوكل لتلك المؤسسات مهمة إحضارهم بالقوة الجبرية. وسأكتفي أخيرا بالسبب الآخر وهو عدم كفاءة بعض الكتاب الذين يعملون مع القاضي من موظفين سواء بمستواهم الأكاديمي أو عدم انضباطهم وكذلك قلة عددهم. ولا شك أن تلك الأسباب جوهرية في حدوث التعطيل والتأخير وأن الأمر يحتاج فعلا لحلول عاجلة حتى لا تتعطل مصالح الناس أكثر مما هي معطلة فهناك قضايا لها عدة سنوات لم تنتهِ وهناك مصالح وحقوق معلقة. ولا أقول سوى كثر الله خير قضاتنا في ظل هذه الظروف المحيطة بهم، وأضيف من عندي سببا آخر وهو عدم الاستعانة بالتقنية على الوجه الأمثل لتوفر عليهم بعض الوقت والجهد .. والله المستعان. [email protected]