شددنا في هذه الزاوية خلال الأيام الثلاثة الماضية على أهمية أن تقترب قمة حركة عدم الانحياز التي انطلقت في طهران أمس من لغة العقل بعيدا عن الانحياز، إذا ما أرادت هذه القمة أن تدعم العمل المشترك لإيجاد حلول عملية للكثير من قضايا المنطقة. وما أكدته المملكة أمام القمة البارحة في كلمتها التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المؤتمر، يأتي انطلاقا من هذه الثوابت التي تعمل بها المملكة في سياساتها الخارجية المستندة على الحق والعدل، والتمسك بمبادئ عدم الانحياز، وتمسكها بالقانون الدولي في عصر الاضطرابات والقلاقل والكراهية، واستمرارها في دعوة المجتمع الدولي إلى لغة التفاهم ومساندة الشعوب في نيل حقوقها المشروعة خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي أكدت المملكة أنها القضية الجوهرية لها، واعتبار أن أهم أسباب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وانطلاقا من هذه القناعة، جددت المملكة في كلمتها التأكيد على موقفها الثابت والراسخ والداعم لهذه القضية المصيرية. وكما هو معلوم لدى العالم أجمع، فإن المملكة تنطلق في جميع تعاملاتها وسياساتها الدولية من مبادئها المستندة على رغبتها الدائمة في إقرار السلام في المجتمع الدولي، ومن هنا دعت الدول الأعضاء إلى حل خلافاتها عن طريق الوسائل السلمية عبر المفاوضات والتفاهم، مع إقران ذلك بوقف جميع أشكال التعديات وكل فعل يتناقض مع سياسة حسن الجوار، وتقديم الدعم والمساندة لكافة الجهود التي ترمي إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلم العالمي تحقيقا لمبدأ عدم الانحياز، للخروج من هذا النفق المظلم المليء بالاضطراب والتفاوت في القيم والمفاهيم، والاستعاضة عنه بنشر قيم الحوار والتسامح والاعتدال التي ستؤثر وبشكل فعال في إعادة التوازن المطلوب والخروج من أزمات التداعي والتشتت والتفرق، ليكون العالم لحمة واحدة في اتجاه السلم والعدل، والعمل على رفع الظلم، وإحقاق الحق تجاه الشعوب المقهورة والمضطهدة التي هي في أمس الحاجة للتعامل معها ومع قضاياها وفق مبادئ القانون الدولي الثابتة، ووفق نظم عدم الانحياز. وإن تحقق ذلك، فإن عالمنا اليوم سيكون على طريق صحيح نحو تفرغ الشعوب لنمائها في كافة مناحي حياتها اليوم وغدا وبعد غد.