دعا اقتصاديون إلى ضرورة التوسع في إنتاج الحبوب داخل المملكة وذلك لتجنب أي هزات في الأسواق نتيجة تراجع الكميات المنتجة أو نشوء أي أزمات تعرقل وصول هذه المحاصيل إلى المملكة في الوقت المناسب، مشيرين إلى أن ذلك قد يقلص من فاتورة الاستيراد والدعم الحكومي بما يصل إلى 10 مليارات ريال على أقل تقدير. ولفتوا في هذا السياق إلى الدراسة التي أمر سمو ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز، يرحمه الله، بإجرائها بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لتقييم مدى جدوى إعادة زراعة القمح مجددا بما يضمن المحافظة على الأمن الغذائي والمائي في آن واحد. وشددوا على أن نجاح المملكة في تحقيق نسبة ملموسة من الاكتفاء الذاتي من الحبوب يعتمد على عدة عوامل أساسية في صدارتها الحد من الهدر في الاستهلاك والتوسع في المبادرة الزراعية واستخدام طرق بديلة في الري لتوفير المياه. وقال الاقتصادي سعد السالمي إن قرار إيقاف زراعة القمح تدريجيا الذي بدأ العمل به منذ العام 2008 وإلى الآن رفع حجم الاستيراد إلى مليوني طن وفقا لإحصاء مؤسسة صوامع الغلال، بتكلفة إجمالية تقارب 2.5 مليار ريال، مشيرا إلى أن هذه الكمية مرشحة للزيادة وفقا للخطة المعدة منذ وقت سابق للتوقف نهائيا عن إنتاج القمح بحلول العام 2016. وأعرب عن أمله في أن تتوصل الدراسة التي تجريها حاليا جامعة الملك فهد إلى جدوى زراعة القمح من جديد في المملكة لأهمية ذلك في تحقيق الأمن الغذائي، لافتا إلى أنه وفقا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» فإن العالم مقبل على فترة شح في إنتاج محاصيل الحبوب الأساسية نتيجة التقلبات المناخية وهو ما يستدعي ضرورة البحث عن بدائل لأن القمح سلعة استراتيجية ولا يمكن على الإطلاق الارتهان إلى الخارج بشأنها. وقال إن العودة إلى الإنتاج المحلي ينبغي أن ترتبط بترشيد الاستهلاك والاعتماد على وسائل غير تقليدية في الري لتوفير كميات أكبر من المياه، بالإضافة إلى التوسع في معالجة مياه الصرف الصحي ثلاثيا لاستخدامها في الري مع الاستفادة من التجارب الدولية في ذلك. إعادة النظر في الثروة الحيوانية أما الاقتصادي عصام خليفة فرأى أن التوسع في إنتاج الحبوب يستدعي إعادة النظر في أوضاع تربية الثروة الحيوانية وإنتاج الألبان أيضا، مشيرا إلى أن إنتاج لتر واحد من الألبان يكلف وفقا للدراسات الاقتصادية 24 لترا من المياه. وأشار إلى أن التحذيرات من إمكانية مواجهة أزمة مياه في المملكة يجب إخضاعها لدراسات علمية موثقة وليس لأقوال صحفية مرسلة لأن هذا الأمر يرتبط بمستقبل الأجيال المقبلة. وأشار إلى أن الخطة التي بدأ العمل بها للاعتماد كليا على استيراد القمح أدت إلى تقليص الكمية المنتجة حاليا إلى 350 ألف طن فقط، لافتا إلى أهمية أن تحدد الدراسة الجارية حاليا حول المخزونات المائية في المملكة آفاق هذا الوضع للعشرين عاما المقبلة وتأثيرات التوزيع السكاني الراهن والمستقبلي على حجم الاستهلاك في ظل بيئة المملكة الصحراوية، حيث يندر هطول الأمطار سنويا. وقدر حجم فاتورة استيراد الحبوب الرئيسية فقط والدعم الذي تحظى به بأكثر من 10 مليارات ريال سنويا. من جهته أعرب الاقتصادي فهد الغامدي عن الأمل في أن تلبي المبادرة السعودية للإنتاج الزراعي في الخارج جزءا من الاحتياجات المحلية من المحاصيل الزراعية وفي صدارتها القمح والشعير والذرة والسكر والأرز، لا سيما في ظل التسهيلات التى أعلنت الحكومة عن تقديمها إلى المستثمرين السعوديين في الخارج. ودعا وزارتي الزراعة والتجارة إلى ضرورة إزالة كل العراقيل أمام هؤلاء المستثمرين بهدف توريد 50 في المئة من إنتاجهم إلى السوق السعودي، مشيرا إلى أهمية مساعدتهم في الحصول على التراخيص اللازمة سريعا وعدم تكليفهم بأعباء إضافية تتعلق برسوم استخدام المياه والكهرباء فضلا عن حل المشاكل المتعلقة بصكوك الأراضى التى يتم الاستثمار فيها. ولفت إلى تراجع كمية المياه المستخدمة في الزراعة حاليا من 23 مليار م3 العام 2003 إلى حوالى 14 مليارا حاليا في ظل سياسة حازمة اعتمدت على الحفاظ على المياه وإيقاف توزيع الأراضى الزراعية وحفر الآبار الجديدة إلا وفق ضوابط مشددة. وأشار إلى أن دعم الدولة لاستيراد حوالى 7 ملايين طن من الشعير سنويا يكلفها قرابة 1.4 مليار ريال مطالبا بضرورة تقليص اعتماد مربيي الماشية على الشعير والتوسع في استخدام أنواع العلف الأخرى.