العيدية هي واحدة من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد السعيد، وهو تصرف مالي يمارسه الكبار في العائلة مثل الأب والأم والجد والجدة والأخ والأخت، ويترقبه جميع الأطفال بمختلف أعمارهم من الذكور والإناث. والعيدية تصرف مالي من الكبار في الأسرة للتعبير عن معاني الحب والتقدير للصغار في الأسرة وله الكثير من المعاني الاجتماعية، حيث يعمل في ترسيخ مفهوم العلاقة الأسرية والفرحة والبهجة والسرور، حيث يبقى حدث العيدية في ذهن الطفل طيلة أيام العمر، ويتذكر لحظات الفرح والسعادة وهو يتلقى العيدية، وينطلق بها لكي يحصل على ما يريد من ألعاب واحتياجات ويسرح ويمرح في أماكن الترفيه التي يحبها ويشتري بها الحلوى. كما يتذكر الأبناء من الأولاد والبنات التباهي أمام بعضهم البعض في أيام العيد، حيث يفصح البعض بأنه قد جمع أكثر من غيره وآخرون لا يريد ذكر مبلغ العيدية، حيث يعتبرونه من أسرار العمل. ولا يوجد مقياس معين لمبالغ العيدية، حيث يرجع ذلك إلى عدد الأقارب المقربين الذين يعيدون الأطفال والفتيان في الوسط العائلي. وهناك عائلات كبيرة وأخرى صغيرة، وهناك عائلات ثرية وأخرى متوسطة الحال أو فقيرة. وفي كل الأحوال فإن الجميع في الأسرة يحظى بالعيدية، مهما كانت نقودها قليلة أو كثيرة المهم الفرح بالعيد من خلال العيدية. ويمكن الاستفادة من هذا الحدث الاقتصادي المتميز في تعليم الأبناء كيفية التصرف بالعيدية، بحيث تحقق لهم الفائدة القصوى وتنمي لديهم مهارة إدارة المال، والاعتماد على النفس. وعلى سبيل المثال يمكن توجيه الأبناء والبنات إلى الاحتفاظ بجزء من المال في الحصالة لصرفها على احتياجاتهم المستقبلية، التي قد لا تكون قائمة الآن وعدم إنفاق جميع المتحصل من العيدية في وقت واحد، ونحاول بذلك ترسيخ مفهوم الادخار لدى الأبناء. كما يمكن حث الأبناء على استقطاع جزء من العيدية ولو ريالا واحدا لصالح الفقير أو اليتيم، وبذلك يمكن ترسيخ سلوكيات الإنفاق في الخير، وفي سبيل الله ومساعدة المساكين وإدخال السرور في نفوس الضعفاء والأيتام. كما يمكن توجيه الأبناء نحو شراء كل ما هو مفيد ونافع من حصيلة العيدية، وعدم صرفها في أشياء قد لا تبقى قيمتها، فمثلاً شراء قصة أو كتاب أو قلم أو لعبة ذكية، يمكن أن تكون أكثر فائدة من صرفها في ألعاب تنتهي قيمتها ومنفعتها في لحظات معدودة ولا يبقى لها الأثر. إذاً نحن بحاجة إلى الاستفادة من جميع الأحداث في سبيل تربية الأبناء على أفضل الطرق التي تكون شخصيتهم المستقبلية وتجعل منهم أفراداً فاعلين في المجتمع، وقادرين على تحقيق غاياتهم وقد قيل في المثل العلم في الصغر كالنقش في الحجر وكل عام وأنتم بخير. * رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق Twitter@drhabiballah