قبل ساعات من كتابتي لهذا الموضوع حط المكوك الأمريكي على سطح كوكب المريخ، وقليل منا يقدر أو يعرف معنى هذا الحدث التاريخي الذي لم يسبقه حدث إلا عندما وضع قدميه رائد الفضاء أرمسترونج على سطح القمر في 20/7/1969م، ولعلي بهذه السطور المختصرة أوصل للقارئ بعضا من الحقائق عن هذا الإنجاز البشري الذي بعقولنا فرقنا الله عن باقي مخلوقاته بكرمه في قوله: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر). في الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة يوم السادس من أغسطس لهذا العام، هبطت على سطح كوكب المريخ مركبة «كيوريوسيتي». ناسا بدأت تستعد للهبوط الدراماتيكي للمركبة، التي يماثل حجمها حجم سيارة صالون عادية، على الكوكب الأحمر. وستبدأ المركبة الجوالة «كيوريوسيتي»، أو«الفضول» بالعربية، عملية البحث عن دلائل على أن الكوكب قادرا على دعم الحياة. ومن أجل أن تصل المركبة إلى سطح المريخ بسلام، فقد لجأت ناسا إلى إجراء ربما يكون قد استوحي من أفلام الخيال العلمي. ووصفت وكالة ناسا عملية المناورة والهبوط التي قامت بها المركبة الجوالة على المريخ بأنها «7 دقائق من الرعب»، كما أفاد موقع سكاي نيوز. وقال المهندس أدام ستيلتزنر: في بعض الأحيان، عندما ننظر إلى الأمر فإنه يبدو جنونيا. وقد دخلت المركبة الفضائية، التي تحمل المركبة الجوالة«كيوريوسيتي»، المجال الجوي الأعلى للمريخ بسرعة تصل إلى 13200 ميل في الساعة. ثم استنفدت سرعتها بواسطة سلسلة من مناورات الهبوط. وعلى ارتفاع 7 أميال عن سطح المريخ، وبسرعة 1000 ميل في الساعة، تم إطلاق المظلة«الباراشوت»، وهي أقوى مظلة يتم تصنيعها على الإطلاق، من أجل خفض سرعة المركبة بصورة كبيرة. وعلى ارتفاع ميل واحد من سطح المريخ، تم طرح المظلة وعملت 6 محركات على خفض سرعة المركبة إلى 1.7 ميل في الساعة. وبعد إصطدامها بأرض الكوكب بمسافة 20 مترا، عملت رافعة على إنزال «كيوريوسيتي» على سطحه بواسطة 3 حبال من النايلون. وقال مدير البعثة بيت تثيسينغر؛ إنه من أجل هبوط المركبة بنجاح وقعت مئات الأحداث بصورة صحيحة، بعضها خلال أجزاء من الثانية، وكلها تم التحكم بها آليا بواسطة مركبة الفضاء الناقلة للمركبة الجوالة. وتم هبوط كيوريوسيتي بأمان على سطح المريخ، رغم أن الأخطار المتعلقة بعملية الهبوط حقيقية. والجدير بالذكر أن إشارة اللاسلكي الدالة على الهبوط الآمن للمركبة وصلت إلى الأرض بعد 14 دقيقة من إطلاقها من المكوك قارن ذلك بربع الثانية لتصل رسالة جوالك إلى أمريكا، وهذا يعطي القراء مدى بعد المسافة بين الأرض والمريخ وهي بمتوسط 225 مليون كم. وما أن تكمل المركبة الجوالة الاختبارات المبدئية لأنظمتها، سوف ترسل إلى الأرض أول صور ملونة لموقع الهبوط. كما ستقوم بالتقاط عينات من صخور الكوكب الأحمر وتربته وتقوم بإجراء الفحوص المخبرية عليها وتحليلها وترسل نتائجها إلى الأرض. والمركبة مزودة بأشعة ليزر، بحيث يمكنها اختراق سطح الكوكب واقتحام لعمق 7 أمتار ثم تحليل محتويات التربة تحت السطح. وتم تزويد المركبة بكاميرا ثلاثية الأبعاد تمكنها من تصوير الطريق الآمن الذي ستسير عليه المركبة. فأين نحن من هذا الكرم الذي كرم الله به كافة بني آدم ولم يخص به الأمريكان فقط. للتواصل ((فاكس 6079343))