في المدينة 0179975 قيام معتمرين وزوار بتجميع صدقات وإفطار صائم من أمام الحرم الشريف وإعادة بيعها من جديد، مرجعين سبب ذلك التوزيع العشوائي الزائد عن الحد وهذا ما يحدث في أواخر رمضان من كل عام عند إخراج زكاة الفطر. أكوام من شوالات حب وأرز وشعير وهي تجب بالفطر في آخر رمضان وتسمى زكاة الرؤوس تجب على كل فرد من المسلمين ذكرا كان أم أنثى صغيرا أم كبيرا. يقول تعالى: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى).. والحكمة في مشروعيتها استكمال التطهير للصائم من تقصير أو هنة خفيفة ألمت به في صومه كما أنها لون من المعاونة والتكاتف المادي للفقراء والمحتاجين ومعاونة للمساكين في مناسبة العيد ليكون عندهم اقتدار مالي. يقول ابن عباس فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين. وما يحدث أن كثيرا ممن يأخذ هذه الأصناف من الحبوب يقوم ببيعها بأقل من قيمتها للحصول على السيولة النقدية فتحدث مظاهر غير مقبولة من تدافع وتضارب وازدحام وحوادث لا تحمد عقباها فتفقد هذه الزكاة معناها الحقيقي التي أمر بها الشارع الكريم. وكما نعلم أن عموم الشريعة إنما جاءت لجلب مصلحة ودرء لمفسدة، يقول ابن القيم: الشرائع كلها في أصولها وإن تباينت متفقة مركوز حسنها في العقول ولو وقعت على غير ما هي عليه لخرجت عن الحكمة والمصلحة والرحمة. والشريعة الإسلامية لها خصائص تميزها عن غيرها من الشرائع لأنها شريعة الله الكاملة والخالدة فهي تجمع بين الثبات والمرونة مع رعايتها لمصالح الدين والدنيا ومصالح الأفراد والجماعات وربطها لأحكام السلوك والتعامل بوازع الإيمان بالله عز وجل.. وعلى هذا الأساس وتأكيدا لمبدأ المقاصد العامة للشريعة الإسلامية ومع تغير الأحوال وتبدل الأمور وعدم حاجة الناس إلى الحبوب فإنه يجوز إخراج النقود الورقية في زكاة الفطر. روي عن أبي حنيفة أنه يعتبر الدقيق أولى من البر، والدراهم أولى من الدقيق، فيما يروى عن أبي يوسف لأنه أدفع للحاجة وأعجل به. شرح فتح القدير لابن الهمام 2/285.. كما روي عن الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله رأى في إبل الصدقة ناقة مسنة فغضب فقال ما هذه؟، فقيل له يا رسول الله ارتجعتها ببعيرين من إبل الصدقة فسكت النبي والارتجاع أخذ سن مكان سن، قاله أبو عبيدة، وفي الصحاح الارتجاع في الصدقة إنما يجب على رب المال أسنان فيأخذ المصدق أسنانا فوقها أو دونها بقيمتها فدل ذلك على جواز أداء القيمة في الزكاة.. وممن احتج بوجوب أداء القيمة في الزكاة ما روي عن طاووس، قال معاذ بن جبل لأهل اليمن: ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم في الصدقة فهو أهون عليكم وخير للمهاجرين والأنصار بالمدينة، ومن المعلوم أن أخذ الثوب مكان الصدقة لا يكون إلا باعتبار القيمة. وقد أقره رسول الله على اجتهاده. كما صح عن أبي بكر أن النبي قال: فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده الجذعة وعنده حقه فإنها تقبل منه يجعل منها شاتين إن استيسرا أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما، فدل هذا أيضا على جواز أداء القيمة في الزكاة نقداً لقوله عليه الصلاة والسلام: «أغنوهم عن المسألة». والإغناء يحصل بأداء القيمة كما يحصل بأداء المنصوص عليه من الشاة وغيرها وقد تكون القيمة أدفع للحاجة من غير الشاة وهذا ما يحتاجه الفقير. وقد اجتهد سيدنا عمر لما رأى أن الحنطة في زمانه قد كثرت فجعل نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء، ويقول لو استقبلت في أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء وقسمتها على الفقراء. فتح الباري 3/372.. كما فعل ذلك سيدنا علي وكان ينظر إلى القيمة في إخراج زكاة الفطر في البصرة، ويقول إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفي الفقراء فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا بمنع الأغنياء وحق على الله أن يحاسبهم .. وما أحوج الفقراء إلى العملات النقدية فهي الأقدر على تحقيق سعادتهم والأقرب إلى تحقيق الغرض الذي من أجله فرضت هذه الزكاة. فحاجة الناس إلى المال أكثر من حاجتهم إلى الحبوب. لقد أصبحت زكاة الحبوب في أيامنا هذه تجارة يبيعها الذي استلمها لآخر بقيمة أقل. ويقبض هو الثمن والآخر يبيعها وهكذا دواليك... ويجوز أن تدفع زكاة الفطر للشخص الواحد وأهل بيته جميعا، إلى المسلم الواحد حتى يتحقق الإغناء. [email protected] فاكس: 6975040 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة