يقال في الأثر العربي «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب»، فلو أردنا المفاضلة ما بين الذهب والفضة، وما بين الواقع والخيال، نجد أن كفة الذهب سترجح تحت وقع الميزان، وكذلك هو الواقع تحت مقص الحياة. الصمت هو استشهاد روحي من خلاله ننتج أكثر مما نثرثر!. فالإنتاج نابع من الاستفادة الكونية للعظمة الربانية، فالله عز وجل خلق هذا الكيان الإنساني في صورته المتقنة، فخلق جل جلاله أذنين ولسانا واحدا، لنسمع أكثر مما نتكلم، لنعقل أكثر مما نثرثر، لنتفكر بملكوته حتى ننفع الأمة. إن الثرثرة هي بارود لمشاكل الواقع حيث لا يوجد للفكر منبع، مجرد ثرثرة قد قيلت وتزداد بتزايد المتكلمين، فلو أردنا الصمت وركزنا على التجديد قبل أن نبدأ بفتوة ذاتية أو ترديد شعار قديم ليست له أهمية، سنجد أن الإنتاج الفكري بدأ بالنمو، وفي تصاعد مستمر. فنجد أن القرآن الكريم يحث على كثير من مواطن التفكير والصمت فيقول الله عز وجل «أفلا تتفكرون» وفي آية أخرى «أفلا تعقلون». فالفكر والعقل مبنيان على الصمت المنتج، الصمت المعطي، فنجد كثيرا من الفلاسفة ركزوا على مفهوم الاستنباط الفكري الصامت. فهذا رسولنا الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يذهب لغار حراء حتى ينصت لنور فكره، ونجد كثيرا من علماء الزمان ركزوا على الصمت في حياتهم حتى أظهروا المفيد والجديد. أهمس إليكم في سكون الليل حيث لا يكون الصمت صمتا أبديا ولا ثرثرة متلونة بأقنعة النفاق، بل صمت يصنع من الحلم واقعا، ومن الفكر إنارة، ومن العقل نور وعلم. زاد الله فكركم وأنار الله طريقكم.. Twitter :@Oudai_sh