فتاوى تتعلق بأحكام الصوم والفطر والزكاة وغيرها مما يخص العبادات في شهر رمضان المبارك يجيب عليها عدد من العلماء. الصوم والفطر إذا سافر المسلم فما الأفضل له في سفره: الفطر أم الصيام؟ يجيب على هذا السؤال فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين بقوله: المسألة فيها ثلاثة أقوال: القول الأول: وهو ما يميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الفطر في كل حال أفضل لكل مسافر. وعلته: أن الصوم قد أبطله بعض العلماء، فذكر عن بعض الظاهرية أنهم يلزمون المسافر إذا صام في سفره أن يقضي أيام سفره؛ لأن الله يقول: «فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر» [البقرة:184] فكل من كان مسافرا يصوم عدة أيام سفره سواء أفطر أم لم يفطر. ورد الجمهور على هذا الاستدلال وقالوا: إن الآية فيها تقدير، وتقديرها «من كان على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر» وأما إذا كان على سفر وصام فلا يلزمه عدة، فكأن شيخ الإسلام يقول: الصوم في السفر فيه خلاف فهناك من يبطله، فاختار أن الفطر أفضل خروجا من الخلاف؛ لأنه ليس هناك خلاف أن الفطر جائز وأما الصوم ففيه خلاف. قال: فلأجل الخروج من الخلاف فأنا أختار أن الفطر أفضل، سواء وجدت مشقة أم لم توجد، ولكن شيخ الإسلام يقيسه على زمانه؛ فزمانه يناسبه الفطر في كل حال لغلبة المشقة. القول الثاني: أن الصوم أفضل بكل حال ولو مع المشقة والفطر جائز، واستدل أصحاب هذا القول بحديث جابر رضي الله عنه قال: كنا في سفر وفي حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه . وقالوا: إن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للصوم في هذا الحر الشديد يدل على أنه أفضل حتى ولو مع المشقة، والدليل عليه: أنه صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى مكة في حجة الوداع صام هو وصحابته في رمضان حتى بلغوا عسفان أي صاموا نحو ثمانية أيام، فلما بلغوا ذلك قيل للرسول صلى الله عليه وسلم إن الناس قد شق عليهم الصيام، فعند ذلك أفطر، وفي رواية أنه قال للذين لم يفطروا «إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم» وبلغه أن أناسا قد شق عليهم الصيام ولم يفطروا فقال «أولئك العصاة» فإن هذا دليل على أن الصوم مع عدم المشقة أفضل ومع المشقة فالفطر أفضل مع أن الكل جائز، كما ثبت في حديث أنس رضي الله عنه وغيره قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. إجهاض المرأة امرأة حامل في الشهر الثاني، أجهضت وأجري لها عملية تنظيف، هل تصوم وتصلي؟ وإذا كان الجواب ب(لا) فمتى تصلي؟ فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله العجلان يجيب بقوله: ما دام الإجهاض في الشهر الثاني، فليس لهذه المرأة أحكام النفاس ، بل تجب عليها الصلاة والصيام، والدم نجاسة فتغسل أثره وتتوضأ وتصلي، وإذا شق عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، وأن تجمع المغرب والعشاء في وقت إحداهما ، وإذا شق عليها الصيام بوجود النزيف فلها أن تفطر لمرضها وتقضي، وإذا صامت فصيامها صحيح؛ لأن هذا الدم لا يمنع الصيام. اللجوء إلى الأدوية هل يجوز استعمال حبوب منع الحمل لتأخير الحيض عند المرأة في شهر رمضان ؟ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رد بقوله: لا حرج في ذلك ؛ لما فيه من المصلحة للمرأة في صومها مع الناس وعدم القضاء ، مع مراعاة عدم الضرر منها ؛ لأن بعض النساء تضرهن الحبوب. صوم المعتوه هل يجب الصيام على فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون؟ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قال: إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلا للوجوب بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له، فإنه لا تلزمه العبادات، وبهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى ، ومثله المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون. ومثله أيضا: الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة كما قال هذا السائل، فإنه لا يجب عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز، فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة، ولا يلزم بصلاة، ولا يلزم أيضا بصيام. وأما الواجبات المالية، فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال، فالزكاة مثلا يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد؛ لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال كما قال الله تعالى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»، قال «خذ من أموالهم» ولم يقل خذ منهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن «أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» . فقال «صدقة في أموالهم» فبين أنها في المال وإن كانت تؤخذ من صاحب المال. وعلى كل حال: الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله. أما العبادات البدنية كالصلاة والطهارة والصوم؛ فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل لأنه لا يعقل. وأما من زال عقله بإغماء من مرض فإنه لا تجب عليه الصلاة على قول أكثر أهل العلم، فإذا أغمي على المريض لمدة يوم أو يومين فلا قضاء عليه؛ لأنه ليس له عقل وليس كالنائم الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»؛ لأن النائم معه إدراك بمعنى أنه يستطيع أن يستيقظ إذا أوقظ وأما هذا المغمى عليه فإنه لا يستطيع أن يفيق إذا أوقظ هذا إذا كان الإغماء ليس بسبب منه. أما إذا كان الإغماء بسبب منه كالذي أغمي عليه من البنج فإنه يقضي الصلاة التي مضت عليه وهو في حالة الغيبوبة.