اعتادت الأعمال الفنية الكويتية الحصول على أوقات تميز في المشاهدة الرمضانية، سيما الأعمال التراجيدية الممهورة بصدق التاريخ للمجتمع الكويتي، وفي رمضان الحالي استطاعت النجمة مريم الصالح أن تبدو مستقلة ومنافسة بشكل أكثر وضوحا في مسلسلها مع محمد جابر وعبدالرحمن العقل وإلهام الفضالة وشجون الهاجري (كنة الشام وكناين الشامية) بعيدا عن إحدى العباءتين المتمرستين (حياة الفهد وسعاد عبدالله). المسلسل جاء ملفتا منذ البدء ومجبرا المشاهد على المتابعة منذ اعتماد الفكرة التي تتحدث عن المجتمع الكويتي في فترة منتصف القرن العشرين وسبعينياته وهي المرحلة المفصلية في نشأة وتطور الكويت، الحديث بين عهدي البحر واللؤلؤ والغوص وعهد البترول، وكان من الملفت جدا اعتماد المخرج شكلا إخراجيا هو أشبه بالسينمائي، الحوار الذي كان يدور بين أبناء الجيل الواحد (الجد والجدة) وبين هذا الجيل وماتبعه من أبناء وأحفاد كان يدلل على حرفية فائقة لتناول الحال الجميل الذي كانت عليه مجتمعات المنطقة من تعامل، سيما في مشهدين من الحلقات الأولى للمسلسل (مشهد إعادة الزوجة . . مريم الصالح) الراديو الخاص بزوجها الأعمى (محمد جابر) الذي سرقه الأبناء وباعوه لتبيع هي صيغتها وتعيد شراء الراديو الذي يعني الكثير لزوجها الأعمى. كذلك مشهد نية الزواج الثاني عند عبدالرحمن العقل في اللحظة التي تجهزه زوجته في المسلسل (إلهام الفضالة) على أنه ذاهب إلى مناسبة ليصارحها في آخر لحظة أنه ذاهب لزواج ثان فتقول دامعة وصابرة (أبكي على زواجك من ثانية ولا أبكي على موتك) الأمر الذي جعله يتراجع عن خطوته تلك. تعامل إنساني كان مشهودا بالأمس القريب وهو الأمر الذي قد لا يعبأ به أحدهم اليوم في مشهد مماثل . . صور أحالت العمل إلى ملحمي. وبشكل عام يستعرض المسلسل سبع قصص زوجية مختلفة فيها الكثير من العلاقات الشائكة بين الرجل والمرأة خلف الأبواب الموصدة فيما يسمى «بيت الحمولة» الذي يجمع الأب والأم والأبناء وزوجاتهم تحت سقف واحد. كان ذلك في المنطقة بشكل عام ولدينا في المملكة أيضا وبعض الأسر لا زالت تعيش على هذا النهج. تدور أحداث المسلسل في فترة سبعينات القرن الماضي، حين درجت موضة زواج الخليجيين من البيئة الشامية. وفي خضم الأحداث العائلية المتطورة يوميا، تدخل كنة شامية إلى المنزل... ويناقش المسلسل كيف ستكون ردة فعلها بعد أن انتقلت إلى بيئة مختلفة تماما عن بيئتها. وبطبيعة الحال فإن المسلسل يقارن بين الفتاة الخليجية ونظيرتها الشامية المتأهبتين أصلا للزواج. وتقول كاتبة المسلسل هبة مشاري حمادة: «المسلسل لا يتوانى عن طرح جوانب حساسة في المجتمع الخليجي تعالج مواضيع أكثر جدلية كالخيانة الزوجية والفوارق الطبقية والمادية وغيرها». ويعتبر العمل ملحميا من حيث الفترة الزمنية التي يتطرق إليها وبأنه أكثر أعمالها جرأة من حيث مقاربة المشاكل التي تواجهها الأسرة الخليجية. أخرج المسلسل جمعان الرويعي وشارك في بطولته إلى جانب مريم الصالح، عبدالرحمن العقل، إلهام الفضالة، محمد جابر، شجون الهاجري وكل من: فاطمة الصفي، مرام، ونجم ستار أكاديمي بشار الشطي لأول مرة كممثل له علاقة بالفن الموسيقي والغنائي، يعقوب عبدالله، فهد باسم، حمد إشكناني، علي كاكولي، ليلى عبدالله، وآخرين. ومن لبنان: مايا الخوري وسماح غندور. و(مسلسل كنة الشام وكناين الشامية) يعتبر بالفعل من الأعمال التلفزيونية الملحمية من حيث الفترة الزمنية التي يتطرق إليها، وكذلك من حيث الجهد الذي بذل فيه، وتقول الكاتبة: «إن المخرج جمعان الرويعي نجح في تحويل النص من كلمات إلى صورة أعطت انعكاسا واضحا لما أرمي إليه، وهو أكثر الأعمال التي كتبتها جرأة من حيث الطرح، كما أنه أكثر الأعمال التى أتعبتني من ناحية المتابعة، خاصة وأنني سعيت جاهدة لأن تعود كافة الإكسسوارات الموجودة داخل إطار تكوين الصورة لفترة سبعينيات القرن الماضي، وهو ما كلفنا ميزانية عالية جدا، حيث تعاقدنا مع شركة لعمل ملابس وإكسسوارات تحاكي تلك الفترة، ليكون العمل بذلك مختلفا عن أي عمل خليجي آخر لناحية توخي الدقة في عرض التفاصيل». أحداث المسلسل تطرقت إلى جوانب حساسة في المجتمع الخليجي، وعالجت مواضيعا أكثر جدلية.