طفل تائه في المسجد الحرام لم يبلغ الرابعة من عمره، ظل يبحث عن والديه يمينا وشمالا ودموعه تنحدر على خده بعد أن دخل في نوبة بكاء صارخ وحالة تدعو إلى الشفقة والرحمة وسط الكتل الحشود البشرية في ساحات الحرم المكي لعدة ساعات. ووسط هذه الكتل البشرية، لمح أحد رجال الأمن هذا الطفل وهو على حالته تلك، فما كان منه إلا أن أخذه بيده ومسح دموعه وهدأ من روعه وظل يداعبه ويمازحه ويخفف عنه لوعته، بل وأعطاه شيئا من الحلوى، وحمله على كتفه عسى أن يلمحه أحد أبويه من بين جموع المعتمرين وزوار بيت الله الحرام، حيث سكن الطفل وهدأ قليلا. وبعد أكثر من ساعتين متواصلتين من البحث، إذا بوالديه يشاهدان ابنهما على كتف رجل الأمن، فما كان من الطفل إلا أن رمى بنفسه في حضنهما وهو يبكي من شدة الفرح، أما والداه فلم يستطيعا أن يعبرا عن شكرهما وتقديرهما وإعجابهما بموقف رجل الأمن إلا بدمعات صادقة تساقطت وكلمات بالدعوات والثناء.