شدد عضو هيئة كبار العلماء، عضو اللجنة الدائمة عبدالله المطلق على ضرورة أن تتراص الصفوف في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقال إن الأصل في الصفوف أن تكون متراصة وأن يتصل ببعضها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «من وصلها وصله الله»، وأن الصفوف المتقطعة ليست من السنة بل تخالفها. وبين في حوار مع «عكاظ» بخصوص من يهملون في توزيع زكاتهم، أن ذلك خطأ، مشددا على ضرورة أن يجتهد المسلم في إيصال الزكاة إلى مستحقيها، وأن المال الذي شرفهم الله به لا بد أن يجتهدوا ويبحثوا عن أهله المستحقين له، مبينا أن ما يفعله البعض من التسرع في توزيعها على الذين يسألون الناس في المساجد وقد تبين أن بعضهم أغنياء خطأ ناتج عن الكسل.. فإلى الحوار : • ما هو أثر الشهر الفضيل في تحقيق وحدة المسلمين ونبذ الفرقة والاختلاف؟ • العبادات المشروعة تؤدي كلها إلى الوحدة. الصلاة تؤدي للوحدة والانتظام، حيث يصلي الناس خلف إمام واحد يقتدون به في ركوعه وسجوده وقيامه ولا يجوز لأحد أن يخالفه. الصيام كذلك عبادة تدعو إلى الوحدة فالمسلمون في أي بلد يمسكون عن الأكل والشرب في وقت محدد ويفطرون في وقت محدد، وهذا كله وسيلة من وسائل الوحدة. يصومون في يوم واحد ويشهدون العيد في يوم واحد وذلك مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية التي جاء بها الدين. وقد حرم الإسلام صيام يوم الشك لئلا يصوم بعضهم ويفطر بعض آخر. كما حرم صيام يوم العيد لئلا يفترقوا وتتميز العبادة فلا يضاف إليها شيئا ليس منها وذلك كله من وسائل اتحاد المسلمين في البلد الواحد ونبذ أسباب التفرق والخلاف فيصبح الناس في آخر يوم من شعبان بعضهم صيام وبعضهم مفطرون بحجة الاحتياط ونحو ذلك ومثل ذلك في يوم العيد فيصوم البعض باعتبار ذلك أحوط. منع الإسلام كل ذلك ليتحد المسلمون في البلد الواحد في صومهم وإفطارهم. كذلك رغب النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الفطور وتأخير السحور لئلا يبقى بعضهم على صومه حتى يغيب الشفق وتظهر النجوم فيتفرق الناس فإذا غربت الشمس حل الإفطار وإذا طلع الفجر وجب الإمساك. كل ذلك من أجل أن يتحد المسلمون ولا يبقى مجال للاحتياط فيتفرق شملهم وتختلف كلمتهم. • ماذا عن ما يبذله المسلمون من توزيع المواد الغذائية على الفقراء بدلا من تجهيز الإفطار للصائمين من الفقراء وعابري السبيل؟ • كثير من المسلمين يحب أن ينال شرف الإحسان في رمضان وفي هذا العصر أصبح إفطار الصائمين ينقسم على قسمين: إعداد الإفطار في المساجد أو قربها أو بدفع المواد الغذائية التي هي مواد أساسية لوجبة الإفطار للمحتاجين في منازلهم بحيث يهيئونها لأنفسهم في منازلهم ويتناولونها مع أطفالهم. وفي الحقيقة فإن الثاني أنفع للفقراء وأنه يستعمل عند الحاجة وأن الفقير يشاركه في الأكل والفرح بالإفطار أولاده وزوجته التي لا تذهب إلى المسجد وضيوفه الذين يأتون إلى بيته. • هل يجوز لمن لديه زكاة أو كفارة أن يدفعها في إفطار الصائمين؟ • الذين لديهم زكاة أو كفارة لا يدفعوها في إفطار الصائمين إلا إذا كانوا فقراء. أما الذين في المساجد فلا تستطيعه أن تقول إنهم فقراء لأن بعض العمال والسباكين والكهربائيين ليسوا فقراء بل أغنياء وربما يكون الواحد منهم له مال في بلده ويعتبر بها من عداد الأغنياء. لذلك فإن الذي يجعل في المساجد لا يجوز أن يكون كله من الزكاة. يمكن للمسلم أن يضع 60 أو 70 % من صدقته لأن من يأتون للمساجد ليسوا فقراء، ولو أنه خصص لذلك أموال الصدقة لكان ذلك أفضل. • هناك 8 أصناف للزكاة ولكن البعض لا يضع زكاته في أماكنها ويتخلص منها بسرعة وكأنه يلقي عن عاتقه حملا ثقيلا، لاسيما ما نشاهده آخر الشهر الكريم في زكاة الفطر. ما نصيحتكم لهؤلاء؟ • هؤلاء يجتهدون في جمع المال ولا يجتهدون في توزيع زكاتهم ولا شك أن هذا العمل خطأ وعلى المسلم أن يجتهد في إيصال الزكاة إلى مستحقيها. وما يفعله بعض الإخوة من التسرع في توزيعها على الذين يسألون الناس في المساجد وقد تبين أن بعضهم أغنياء. فهذا من الخطأ ومن الكسل الذي يدفعهم لذلك. فالإنسان إذا كانت لديه زكاة عليه أن يبحث عن المستحق ويجتهد في البحث فكلما وضعت الزكاة في موضعها كان ذلك أبرأ للذمة وأكثر للأجر. كما أن بعض المسلمين وزكاتهم تحول قبل رمضان ثم يؤخرها حتى رمضان لإدراك فضيلة الشهر فهذا خطأ ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الزكاة عن الحول الواجب. • هل لدراسة التفسير علاقة بزيادة التدبر؟ تدبر القرآن عبادة أمر الله بها ،هذه العبادة تحتاج إلى دعاء فيدعو المسلم ربه أن يعينه على التدبر، ومن أعظم الأدعية الدعاء العظيم الذي وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه من أعظم الأدعية ولا يستغنى عنه المسلم وهو «اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك». فالتدبر من حسن العبادة فإذا تدبر المسلم القرآن في أثناء الصلاة أو عند التلاوة فقد أحسن هذه العبادة ولهذا فالتدبر يوصل الإنسان إلى المعاني السامية في كتاب الله تعالى ويجعله متأثرا بهذا القرآن عاملا به. الأصوات الحسنة • البعض يتركون المساجد القريبة من بيوتهم بحجة البحث عن الإمام الذي يتميز بصوت حسن وتلاوته جيدة فما رأيكم في ذلك؟ • أرى أن ذلك جيد ولا غبار عليه فالمسلم ينبغي أن يبحث عن المسجد الذي يزداد فيه خشوعا وتقوى وتدبرا للقرآن حتى ولو كان بعيدا، فكما يحرص المؤمن على ما ينفعه في دنياه يحرص على ما ينفعه في دينه. فالمسجد الذي يخشع فيه المصلي والذي يتأثر فيه بالقراءة ويبكي من خشية الله يحسن أن يذهب إليه الشخص وأن يصلي فيه وأن يستمتع بلذة القراءة ويزداد في الخشوع. ركعات التراويح • ماذا عن التفاوت في عدد ركعات صلاة التراويح فالبعض يؤديها 11 ركعة والآخر يزيد؟ • إذا نظرنا إلى القرآن عن قيام الليل وجدنا أنه يربطه بالزمن ولا يربطه بالعدد والله تعالى يقول «يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا». ويقول تعالى «إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه». ويقول«كانوا قليلا من الليل ما يهجعون». ولم يحدد الله تعالى ولا نبيه صلى الله عليه وسلم عددا معينا، بل إن الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة». وأما حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على 11 ركعة فذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستغرق أكثر من نصف الليل في هذه الركعات. فكان يقرأ طويلا وفي الحديث الثابت أنه قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة واحدة. أما الآن فإن غالبية أئمة المساجد يقرأون كل يوم جزءا أو نصف جزء وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الواحدة أكثر من جزء. فكيف نأخذ العدد ونترك ما يقرأه صلى الله عليه وسلم من القرآن؟ لذلك فإن اعتبار العدد الذي نشاهده من بعض أئمة المساجد وإنهاء قيام الليل في نصف ساعة أو أقل من ساعة ليس أقرب إلى السنة من زيادة عدد الركعات. لاسيما أن أمير المؤمنين عمر رضي الله رفع عدد الركعات إلى 23 ركعة وكان يأمر أبي بن كعب فيصلي بالناس وكانا يقرآن البقرة في 8 ركعات. ساحات الحرمين • هناك فراغ في الصفوف في بعض ساحات الحرم المكي أو النبوي، هل هناك بأس في هذا الأمر؟ • الأصل في الصفوف أن تكون متراصة وأن يتصل ببعضها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «من وصلها وصله الله». فالصفوف المتقطعة ليست من السنة، بل تخالفها. لكن مع ذلك فالصلاة صحيحة ولكن من السنة أن تتراص الصوف وتتصل وأن يملأن الصف الأول فالأول.