المال وسيلة وليس غاية ولكن عندما شغف به البعض حبا، أصبح الغاية والوسيلة والهدف والمبدأ والحلم والطموح والمنتهى، فحيث ما يجدون المال يجدون السعادة والعكس وتجدهم يجمعون ويجمعون ويدخرون ويكنزون للوارث منهم، بهمم عالية وقلوب خالية إلا من حب المال، فحقيقة الفناء وعدم أخذهم للمال معهم في قبورهم وذهابهم بكفن أبيض ولا شيء غيره إلا عملهم الصالح أو الطالح لا يجهلها محبو المال وجمهوره، ولكنهم يؤجلون التفكير بها أو أنهم لا يفكرون بها ولا يشتغلون حيث تشغلهم مصالحهم الدنيوية عن الأخروية ولا يحبون إلا الكاش وما تلمسه أيديهم فهم يساهمون في كل شيء إلا أن يقرضوا الله قرضا حسنا، وهكذا فقدنا أو أفقدونا بنهمهم وحبهم لحطام الدنيا القيم تدريجيا إلى أن طغت المصالح المادية على كل شيء وأصبح المال هوا الطول والقد والحسيب والنسيب والقريب والحبيب والخل والصديق والجار والرفيق والأهل والولد إلى آخر هذه القائمة من المحببات إلى النفس، ولو سألت مولعا بالمال لقال لك إن المال يعني له أكثر مما كتبت فما كتبته قليل من كثير مما يؤلم القلب ويدميه ويجعله يعيش في وحشة وأي وحشة ، إنها وحشة تسلط المال وسيادته على كل شيء وقضائه على كل جميل وممتع في الحياة وفينا، حيث نزعت بركة المال وما بقي لنا إلا قبحه هوا ما نراه ونلمسه في علاقاتنا الإنسانية المتوترة.