«لن ينساه الوطن، ولن ينساه أبناء وزوجات وأقرباء الشهداء، ولن ينساه السجناء المفرج عنهم وذووهم، فقد كان دائم التواصل معهم في كل أشهر العام، يزداد التواصل في رمضان ومناسبات الأعياد على وجه الخصوص». أطلق عليه «أبو الشهداء»، فمآثره لا تحصى وإنجازاته عمت الوطن من أقصاه إلى أقصاه في جميع المجالات أمنيا وإنسانيا واجتماعيا فهو رجل دولة وصانع نهضة وباني مجد وطن .. إنه الأمير نايف بن عبد العزيز الذي وافاه الأجل المحتوم الشهر الماضي، في هذه الحلقة سنتناول جانبين أساسيين في حياة الأمير نايف بن عبد العزيز يرحمه الله الأول علاقة الراحل بالسجناء وأسر الشهداء: يضبط سجناء الحق العام عقارب ساعاتهم على ليلة الأول من شهر رمضان المبارك هذه الليلة تمثل بارقة الأمل للإفلات من قضبان السجن، حيث يحرص صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز على أن لا يصوم السجناء إلا مع ذويهم، إذ يصدر أمره بالإفراج عن سجناء الحق العام ويتابع شخصيا مع مدير عام السجون والقطاعات التنفيذية الإفراج عن المسجونين حتى يتمكنوا من الإفطار في أول ليلة من رمضان مع أسرهم وذويهم. للسجناء موعد في رمضان مدير عام السجون اللواء علي بن حسين الحارثي قال «يصعب على كل إنسان منصف حصر مآثر وإنجازات الأمير نايف بن عبد العزيز في كل المجالات فهو رجل الأمن الأول وولي عهد بلد بحجم قارة، إداري فذ وإنساني نبيل تصدى لملفات معقدة واستطاع أن يحقق نجاحات كبرى فيها». وعن إنسانية الأمير نايف قال «في شهر رمضان يحصل سجناء الحق العام على عفو شامل من القيادة، حيث تأتي توجيهاته يرحمه الله كونه وزير الداخلية المؤكدة على الإفراج عن كل من يستحق وتسهيل أمور السجناء ليتمكنوا من صيام أول يوم من رمضان مع أسرهم، ويتواصل العفو حتى ليلة العيد ليتم الإفراج عن عدد غير قليل من السجناء». وزاد «كم من السعادة أدخلها في كل بيت، وكم من الابتسامة على الأمهات والأبناء رسمها على شفاههم بالإفراج عن السجناء حتى تكتمل فرحة الأسر ويسعدون في العيد، إن رحيله خسارة كبيرة للوطن والأمة العربية والإسلامية جمعاء». «تراحم» نتاج فكره وجهده الدكتور عبد الله بن محفوظ، رئيس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء «تراحم» أكد أن للأمير نايف بن عبد العزيز مواقف لا تنسى مع رعاية السجناء فقد وجه رحمه الله وعندما غادر إلى جنيف للعلاج بالإفراج عن نحو 1600 سجين من مختلف مناطق المملكة منهم 200 شخص بمدينة جدة، وذلك بسبب القرار الذي أصدره الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، الرئيس الفخري للجنة تراحم. وأضاف الأمير نايف يرحمه الله كان الرئيس الفخري للجنة الوطنية لرعاية السجناء وأسرهم «تراحم»، ومن القرارات التي تتعلق بالسجناء يقول بن محفوظ موافقته على أن تقضي السجينات غير السعوديات ما تبقى من فترة عقوبتهن في بلادهن، وقد تم على ضوء ذلك إبرام اتفاقيات مع الدول المعنية. وزاد، اهتم يرحمه الله بالسجناء الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما حيث كان يأمر بنقلهم فورا الى الإصلاحية ، كما كانت وزارة الداخلية تركز وتهتم بمعالجة مشاكل هذه الفئة التي كان يحث على متابعة أمورها حتى لا تبدأ مشوار حياتها من داخل السجون. ونسب بن محفوظ الفضل في إنشاء هذه اللجنة التي أصبحت تتواجد في كل مناطق المملكة إلى الأمير نايف بن عبد العزيز حيث تابعها في المقام السامي حتى صدرت الموافقة عليها لكي تعنى بالمساجين وأسرهم، إلى جانب توظيف المفرج عنهم، كما وافق على افتتاح 18 فرعا لجمعية تراحم بمختلف أنحاء المملكة، 13 منها في الإمارات إلى جانب بعض المحافظات الكبيرة التي لها جمعيات. وأوضح أن الأمير نايف كان سببا للإفراج عن الكثير من السجناء، إلى جانب أنه كان سببا في توفير الحياة الكريمة للكثير من أسر السجناء، حيث عاشت حياة كريمة، خاصة أن هذه الجمعية استطاعت أن توفر لهم الأساسيات في الحياة، كما استطاعت أن توفر لهم التدريب والتوظيف. وعن أبرز القصص التي سجلتها الجمعية للانتصار للمساجين بدعم الراحل قال: هناك شخص متهم بقتل اثنين من أبنائه وصدر حكم بسجنه خمسة أعوام والإفراج عنه بعد ، إلا أن الأم خوفا على أبنائها طلبت من تراحم التدخل بعدم إطلاق سراح الأب قبل الكشف على عقله والتأكد من سلامة قواه العقلية، ورفعت بذلك لمحافظ جدة الذي رفعه لإمارة المنطقة ومن ثم لوزارة الداخلية حيث شرح الأمير نايف يرحمه الله وبخط يده «السيدة محقة بطلبها أن يعرض الأب على لجنة طبية، وطالب بموافاته بأمر هذا السجين» وهذا ما حدث. أنا مسافر أعود في رمضان السجين خالد الحربي قال «كنا ويشهد الله ننتظر قدوم شهر رمضان المبارك لأننا ندرك أن هذه المناسبة الإسلامية الكبيرة لن تمر ونحن خلف القضبان، فقد كنا نراقب الأخبار التي تصدر ونحن مطمئنون إلى صدور عفو عن سجناء الحق العام وبعض سجناء الحق الخاص وخصوصا في المديونيات، كان يرحمه الله أبا لجميع السجناء، وشكل لجنة لرعاية أسرنا، كنا ونحن في السجن ندرك يقينا أن وراءنا أب اسمه نايف بن عبد العزيز وقيادة كريمة تتمثل في خادم الحرمين الشريفين أمده الله بالصحة والعافية. وعن قصة سجنه قال «في شهر ربيع الثاني عام 1420 ه دخلت السجن لقضاء سنة سجن في قضية معينة، كانت حياة السجن صادمة لي، وعندما وجدت السجناء أبلغوني أن دخولي في هذا الوقت يعني فقط سجني ثلاثة أشهر وليس عاما، سألتهم لماذا قالوا اطمئن في رمضان سيصدر عفو يشمل معظم السجناء لن تصوم إلا مع أسرتك، كنت أرقب رمضان وكلما اتصلت بي ابنتي رنا كنت أقول لها أنا مسافر وسأكون معكم في رمضان بإذن الله، وقد تحقق ذلك، رحم الله نايف الإنسان .. نايف المسؤول .. نايف القائد». وحرص الأمير نايف، رحمه الله، على أن تكون رعاية أسر شهداء الواجب رعاية شاملة، وألا تقتصر على الجانب المادي فحسب فسعى الى التخفيف من الآثار النفسية السيئة التي يحدثها خبر الشهادة على أهالي الشهداء، الذين غالبا ما تختلط عندهم مشاعر الحزن على فراق أحبابهم، بمشاعر الخوف والقلق على مستقبل أبنائهم في ظل غياب معيلهم والمسؤول الأول عن توفير سبل الحياة الكريمة لهم، من مسكن وغذاء وكساء وتعليم وتوجيه وترشيد وترفيه. تقول موضي العتيبي أخت الشهيد تركي بن محمد العتيبي: فقدنا الأمير نايف الأب الإنسان الذي كان كل عام يتعهدنا بالرعاية والسؤال بعد استشهاد تركي لقد تحمل كثيرا من همومنا وهموم أبناء هذا الوطن، فلن ننسى الأمير نايف رحمه الله ومواقفه معنا ومع أسر أخرى فقدت والدهم، إذ كان مثالا في المسؤولية والالتزام بهمومنا واحتياجاتنا. وقال فاطمة الموسى زوجة الشهيد سالم الموسى: الوطن فقد رمزا من الرموز العظيمة بعد رحلة حافلة بالخير والعطاء فقد كان يمثل دعما متواصلا من خلال سؤاله الدائم عنهم وتلمس احتياجاتهم في العديد من المناسبات ، و له وقفات صادقة مع أسر الشهداء جعلتهم في عينه وقلبه في متابعة دائمة وتوفير لكافة ما يحتاجونه في خطوة حانية جعلت ذوي الشهداء لا يشعرون بفقد عائلهم. عيدية نايف 20 ألفا وتحرص وزارة الداخلية على أن يقدم لأسرة كل شهيد توفي في أداء واجب وطني عيدية مالية تصل إلى 20 ألف ريال لكل فرد مصحوبة تلك «العيدية» برسائل تهنئة تتضمن التزامه بالعهد والاحترام والتقدير الكبير الذي يكنه للشهداء وأسرهم، الذين قدموا دماءهم وأرواحهم لحماية هذا الوطن والذود عن أراضيه. كما حرص الأمير نايف في رمضان على إخراج سلال غذائية عبارة عن الصدقات تتكون من سلال تحتوي على 10 أصناف من المواد الغذائية الأساسية توزع على المحتاجين والفقراء والجمعيات الخيرية في 45 محافظة ومركزا وهجرة بكافة مناطق المملكة ويبلغ عدد السلال 1940 سلة بواقع 20 سلة تخرج صدقة عن كل شهيد وتوزع في كافة مناطق المملكة ومحافظات ومراكز وقرى المملكة حسب رغبة أسرة الشهيد مع تزويد كل أسرة بعينة من هذه السلال. مكتب لرعاية أسر الشهداء كما حرص أيضا على إنشاء مكتب يعنى بأسر الشهداء ويتلمس احتياجاتهم ويتواصل معهم ويتابع بشكل شخصي من لدن سمو مساعد وزير الداخلية، وقد أسس هذا المكتب في 1/6/1425 هجرية ويعمل به 20 موظفا من المختصين في هذا المجال يساندهم في ذلك 35 ضابطا و190 فردا من الشؤون العسكرية كما توجد مكاتب مماثلة في قطاعات وزارة الداخلية وخصص رقم هاتف وفاكس لاستقبال طلبات أسر الشهداء وملاحظاتهم واقتراحاتهم بما يحقق الخدمة المتميزة لهم بدون تكلفة او عناء لأسرة الشهيد، ولا يقتصر دور المكتب على الاتصال هاتفيا من أسرة الشهيد بل هناك زيارات واتصال دوري من العاملين في هذا المكتب للاطمئنان على حالة الأسرة وتلبية طلباتهم إذ يكلف فورا من يقوم بتقديم الخدمة مهما كان نوعها وفي كثير من الحالات يبعث من يلبي احتياجاتهم الى مقر إقامتهم في كافة مناطق المملكة. حملات حج وعمرة كما يختص المكتب بتوفير الخدمات الطبية سواء داخل المملكة أو خارجها لمن يتطلب علاجهم بالمستشفيات واستقبالهم وتأمين السكن لهم والمواصلات حتى عودتهم لمقر إقامتهم على نفقة الوزارة ويقدم المكتب خدمات استشارية وقانونية عن طريق مكاتب متخصصة لمن هم في حاجة لذلك بالإضافة الى متابعة الأبناء في كافة المراحل الدراسية سواء كانوا داخل المملكة أو خارجها بطلب تقارير من المدارس او الجامعات عن وضعهم الدراسي ومساعدتهم إن واجهوا أي صعوبات في تحصيلهم الدراسي كما يقدم المكتب خدمات أخرى منها إنهاء المراجعات في الدوائر الحكومية وتوفير العمالة المنزلية التي تحتاجها كل أسرة وتتولى الوزارة كافة المصاريف المالية، ويباشر المكتب مرافقة أسر الشهداء أثناء حملة الحج التي تتم كل عام وتقديم الخدمات والتسهيلات أثناء أدائهم مناسك الحج على نفقة الوزارة.